Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 75, Ayat: 20-25)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله تعالى : { كَلاَّ بَلْ تُحِبُّونَ ٱلْعَاجِلَةَ } أي : الدنيا وشهواتِها ؛ قال الغزاليُّ في « الإحياء » : اعلم أَنَّ رأس الخطايا المهلكة هو حُبُّ الدنيا ، ورأسَ أسبابِ النجاة هو التجافي بالقلب عن دار الغرور ، وقال رحمه اللَّه : اعلم أَنَّهُ لا وصولَ إلى سعادة لقاء اللَّه سبحانه في الآخرة إلاَّ بتحصيل محبته والأُنْسِ به في الدنيا ، ولا تحصلُ المحبة إلاَّ بالمعرفة ، ولا تحصل المعرفةُ إلاَّ بدوام الفكر ، ولا يحصل الأُنْسُ إلاَّ بالمحبة ودوام الذكر ، ولا تتيسر المواظبة على الذكر والفكر إلاَّ بانقلاع حُبِّ الدنيا من القلب ، ولا ينقلع ذلك إلاَّ بترك لَذَّاتِ الدنيا وشهواتها ، ولا يمكن تركُ المشتهيات إلاَّ بقمع الشهوات ، ولا تَنْقَمِعُ الشهواتُ بشيء كما تنقمعُ بنار الخوف المُحْرِقَة لِلشهوات ، انتهى . وقرأ ابن كثير وغيره : « يُحِبُّونَ » و « يَذَرُونَ » بالياء على ذكر الغائب ، ولما ذكر سبحانه الآخرة ، أخبر بشيء من حال أهلها فقال : { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ } أي : ناعمة ، والنُّضْرَةُ : النعمة وجمال البشرة ؛ قال الحسن : وحُقَّ لها أن تُنَضَّر وهي تنظر إلى خالقها . وقوله تعالى : { إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } حمل جميع أهل السُّنَّةِ هذه الآية على أَنَّها متضمنة رؤية المؤمنين للَّه عز وجل بلا تكييف ولا تحديد كما هو معلوم موجود ، لا يشبه الموجودات ، كذلك هو سبحانه مَرْئِيٌّ لا يشبه المَرْئِيَّاتِ في شيء ؛ فإِنَّه ليس كمثله شيء لا إلٰه إلاَّ هو ، وقد تقدم استيعاب الكلام على هذه المسألة ، وما في ذلك من صحيح الأحاديث ، والباسرة : العابسة المغمومة النفوس ، والبسور : أشد العُبُوسِ ، وإنَّما ذكر تعالى الوجوه ؛ لأَنَّهُ فيها يظهر ما في النفس من سرور أو غَمٍّ ، والمراد أصحاب الوجوه ، والفاقرة : المصيبة التي تكسر فَقَارِ الظهر ؛ وقال أبو عبيدة : هي من فَقَرْتُ [ البعير ] إذا وسمت أنفه بالنار .