Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 14-16)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله سبحانه : { ذَٰلِكُمْ فَذُوقُوهُ } المُخَاطَبَةُ للكفار ، أي ذلكم الضَّرْبُ والقَتْلُ ، وما أوقع اللَّه بهم يوم بَدْرٍ ، فكأنه قال : الأمر ذلكم فذوقوه ، وكذا قرره سيبويه . وقال بعضهم : يحتمل أن يكون « ذلكم » في موضع نَصْبٍ ، كقوله : زيداً فاضربه ، وقوله سبحانه : { يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً … } الآية : { زَحْفاً } يراد به متقابلي الصفوف والأشخاص ، أي : يزحف بعضهم إِلى بعض ، وأصل الزحف الاندفاع على الأَلْيَةِ ، ثم سمي كل مَاشٍ إلى آخر في الحرب رُوَيْداً زاحفاً ، إذ في مشيته من التَّمَاهُلِ والتَّبَاطُؤِ ما في مشي الزاحف ، وفي هذا المعنى شواهد من كلام العرب ، ونهى اللَّه سبحانه في هذه الآية عن تَوَلِّي الأَدْبَارِ ، وهذا مقيد بالشَّريطَةَ المنصوصة في مثلي المؤمنين ، والفرار هنالك كَبِيرَةٌ موبقة بظاهر القرآن ، والحديث ، وإجماع الأكثر من الأمة . وقوله : { وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ … } الآية . قال جمهور الأمة : الإشارة بـــ { يَوْمَئِذٍ } إلى يوم اللقاء الذي يتضمنه قوله : { إِذَا لَقِيتُمُ } وحكم الآية باقٍ إِلى يوم القيامة ، بشرط الضعف الذي بَيَّنَهُ اللَّه سبحانه . * ت * : قال ابن رشد : وهذا ما لم يبلغ عَدَدُ المسلمين اثني عشر أَلْفاً ، فإِن بلغ حرم الفِرَارُ ، وإن زاد المشركون على الضعف « لن تغلب اثنا عشر ألفاً من قِلَّةٍ » ، فإن أكثر أهل العِلْمِ خَصَّصُوا بهذا الحديث عُمُومَ الآية . وعن مالك مثله . انتهى . وفهم * ع * : الحديث على التَّعَجُّبِ ، ذكره عند قوله : { وَيَوْمَ حُنَيْنٍ } [ التوبة : 25 ] ، وما قاله ابنُ رشْدٍ هو الصواب . واللَّه أعلم . و { مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ } يراد به الذي يَرَى : أن فعله ذلك أنْكَى للعدو ، ونصبه على الحال ، وكذلك نصب { مُتَحَيِّزاً } ، وأما الاسْتِثْنَاءُ ، فهو من المولين الذين تضمنهم « من » . والفِئَةُ هنا الجَمَاعَةُ الحاضرة لِلْحَرْبِ ، هذا قول الجمهور .