Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 27-29)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله سبحانه : { يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ } هذا خطابٌ لجميع المؤمنين إِلى يوم القيامة ، وهو يجمع أنواع الخياناتِ كلَّها قليلَهَا وكثيرَهَا ، والخيانةُ : التنقُّص للشيءِ بٱختفاءٍ ، وهي مستعْمَلَةٌ في أنْ يفعل الإِنسان خلاف ما يَنْبَغِي مِنْ حفظ أمْرٍ مَّا ، مالاً كان أو سرًّا أو غير ذلك ، والخيانة للَّه عَزَّ وجل : هي في تنقُّص أو أمره في سِرٍّ . وقوله : { وَتَخُونُواْ أَمَـٰنَـٰتِكُمْ } . قال الطبريُّ : يحتمل أن يكون داخلاً في النهيْ ؛ كأنه قال : لا تخونوا اللَّه والرسولَ ، ولا تخونوا أماناتِكُمْ ، ويحتمل أن يكون المعنَى : لا تخونوا اللَّه والرسول ؛ فذلك خيانةٌ لأماناتكم . وقوله : { فِتْنَةٌ } ، يريد : محنةً وٱختباراً وٱمتحاناً ؛ ليرى كَيْفَ العملُ في جميع ذلك . وقوله : { وَأَنَّ ٱللَّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ } ، يريد : فوز الآخرة ، فلا تَدَعُوا حظَّكم منه ؛ للحيطة على أموالكم وأبنائكم ؛ فإِن المذخور للآخرة أعظمُ أجراً . قوله سبحانه : { يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِن تَتَّقُواْ ٱللَّهَ … } الآية : وعْدٌ للمؤمنين بشرط التقوىٰ والطاعةِ للَّه سبحانَهُ ، و { يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا } : معناه : فرْقاً بين حقِّكم ، وباطل مَنْ ينازعكم ؛ بالنصْر والتأييد ، وعبَّر قتادة ، وبعضُ المفسِّرين عن « الفُرْقَان » ههنا بالنجاةِ ، وقال مجاهدٌ والسُّدِّيُّ : معناه : مَخْرَجاً ، ونحو هذا مما يعمه ما ذكَرْناه ، وقد يوجَدُ للعرب ٱستعمالُ « الفرقان » ، كما ذكر المفسِّرون ؛ وعلى ذلك شواهد ؛ منها قول الشاعر : [ الطويل ] @ وَكَيْفَ أُرَجِّي الخُلْدَ والمَوْتُ طَالِبِي وَمَاليَ مِنْ كَأْسِ المَنيِّةِ فُرْقَانُ @@ * ت * : قال ابن رُشْد : وأَحْسَنُ ما قيلَ في هذا المعنى قوله تعالى : { يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا } ؛ أي : فَضْلاً بين الحق والباطل ؛ حتى يعرفوا ذلك بقلوبهم ، ويهتدوا إِليه . انتهى من « البيان » .