Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 60-60)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله سبحانه : { وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا ٱسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ } المخاطبةُ في هذه الآية لجميع المؤمنين ، وفي « صحيحِ مُسْلِمْ » : « أَلاَ إِنَّ القُوَّةَ الرَّمْيُ ، أَلاَ إِنَّ القُوَّةَ الرَّمْيُ ، أَلا إِنَّ القُوَّةَ الرَّمْي » ولما كانت الخيلُ هي أصْل الحرب ، وأَوزَارَهَا ، والتي عُقِدَ الخيرُ في نواصيها ، خَصَّها اللَّه تعالى بالذكْرِ ، تشريفاً لها ، ولما كانت السهامُ من أنجع ما يُتعاطَى في الحرب وأَنْكَاه في العدو وأَقْربه تناولاً للأرواح ، خَصَّها صلى الله عليه وسلم بالذكْرِ والتنبيهِ عليها . * ت * : وفي « صحيح مسلم » ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " مَنْ تَعَلَّمَ الرَّمْيَ ، وَتَرَكَهُ ، فَلَيْسَ مِنَّا ، أَو قَدْ عَصَى " ، وفي « سنن أبي داودَ ، والترمذيِّ ، والنسائيِّ » ، عن عُقْبة بن عامر ، قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : " إِنَّ اللَّهَ لَيُدْخلُ بالسَّهْم الوَاحِدِ ثَلاَثَةَ أَنُفُسٍ الجَنَّة ؛ صَانِعَهُ يَحْتَسِبُ في صَنْعَتِهِ الخَيْرَ ، وَالرَّامِيَ بِهِ ، وَمُنْبِلَهُ ، فَٱرْمُوا وَٱرْكَبُوا ، وأَنْ تَرْمُوا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَن تَرْكَبُوا ، كُلُّ شَيْءٍ يَلْهُو بِهِ الرَّجُلُ ، بَاطِلٌ إِلاَّ رَمْيَهَ بَقْوسِهِ ، وَتَأْدِيبَهُ فَرَسَهُ ، وَمُلاَعَبَتَهُ ٱمْرَأَتَهُ " انتهى . ورباطُ الخيل : مصدَرٌ مِنْ رَبَط ، ولا يكثُرُ رَبْطُها إِلاَّ وهيَ كثيرةٌ ، ويجوز أنْ يكون مصدراً من رَابَطَ ، وإِذا رَبَطَ كلُّ واحد من المؤمنين فرساً لأجل صاحبه ، فقد حَصَلَ بينهم رباطٌ ، وذلك الذي حضَّ عليه في الآية ، وقد قال عليه السلام : " مَنْ ٱرْتَبَطَ فَرَساً فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، فَهُوَ كَالبَاسِطِ يَدَهُ بِالصَّدَقَةِ لاَ يَقْبِضُهَا " والأحاديث في هذا المعنى كثيرةٌ . * ت * : وقد ذكرنا بعْضَ ما وردَ في فَضْلِ الرباط في آخر « آل عمران » ؛ قال صاحبُ « التذكرة » : وعن عثمانَ بْنِ عَفَّانَ ، قالَ : سمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : " مَنْ رَابَطَ لَيْلَةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، كَانَتْ لَهُ كَأَلْفِ لَيْلَةٍ ؛ صِيَامِهَا وَقِيَامِهِا " ، وعن أبي بن كعب ، قال : قَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم : " لَربَاطُ يَوْمٍ في سَبِيلِ اللَّهِ مِنْ وَرَاءِ عَوْرَة المُسْلِمينَ مُحْتَسِباً مِنْ غَيْرِ شَهْرِ رَمَضَان - أَعْظَمُ أَجْراً مِنْ عِبَادَةِ مِائَةِ سَنَةٍ ؛ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا ، وَرِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مِنْ وَرَاءِ عَوْرَةِ المُسْلِمينَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَان - أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ وأَعْظَمُ أَجْراً - أَراهُ قَالَ : مِنْ عِبَادَةِ أَلْفِيْ سَنَةٍ ؛ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا - فَإِنْ رَدَّهُ اللَّهُ إِلَى أَهْلِهِ سالِماً ، لَمْ تُكْتَبْ عَلَيْهِ سَيِّئَةٌ أَلْفَ سَنَةٍ ، ويُكْتَبُ لَهُ مِنَ الحَسَنَاتِ ، وَيَجْرِي لَهُ أَجْرُ الرِّبَاطِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ " ، قال القرطبيُّ في « تذكرته » : فدلَّ هذا الحديثُ على أن رباط يومٍ في رمضانَ يحصِّل له هذا الثوابَ الدائمَ ، وإِنْ لم يَمُتْ مرابطاً . خرَّج هذا الحديث ، والذي قبله ابنُ مَاجَه . انتهى من « التذكرة » . و { تُرْهِبُونَ } : معناه : تخوِّفون وتفزِّعون ، والرهبة : الخَوْف : وقوله : { وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ } ، فيه أقوال : قيل : هم المنافِقُونَ ، وقيل : فَارس ، وقيل : غير هذا . قال * ع * : ويحسُنُ أن يقدَّر قوله : { لاَ تَعْلَمُونَهُمُ } ، بمعنى : لا تَعْلَمُونهم فَازِعِينَ رَاهِبينَ . وقال * ص * : لا تعلمُونَهُمْ بمعنى : لا تَعْرِفُونهم ، فيتعدَّى لواحدٍ ، ومَنْ عدَّاه إِلى ٱثْنَيْن ، قدَّره : محاربين ، واستُبْعِدَ ؛ لعدم تقدُّم ذكره ، فهو ممنوعٌ عند بعضهم ، وعزيزٌ جدًّا عند بعضهم انتهى .