Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 64-66)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله سبحانه : { يَـٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ حَسْبُكَ ٱللَّهُ وَمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } ، قال النَّقَّاش : نزلَتْ هذه الآية بالبَيْداء في غزوة بَدْر ، وحُكِيَ عن ابنِ عبَّاس : أنها نزلَتْ في الأوس والخزرج . وقيل : إِنها نزلَتْ حين أسلم عمر وكمَلَ المسلمون أَربَعِينَ . قاله ابن عمر ، وأنس ؛ فهي على هذا مكِّيَّة : و « حَسبك » ؛ في كلام العرب ، و « شَرْعُكَ » : بمعنى كافِيكَ ويَكْفِيك ، والمحسب : الكافي ، قالت فرقة : معنى الآية : يَكْفِيكَ اللَّهِ ، ويكفيكَ مَنِ ٱتبعكَ ، فـــ « مَنْ » في موضع رفع . وقال الشَّعْبِيُّ وابن زَيْد : معنى الآية : حَسْبُكَ اللَّهُ وحَسْبُ مَنِ اتبعك من المؤمنين ، فـــ « مَنْ » في موضع نَصْب عطفاً على موضع الكاف ؛ لأن موضعها نَصْبٌ على المعنى بـــ « يكفيك » التي سدَّتْ « حَسْبُكَ » مسدَّها . قال * ص * : ورد بأنَّ الكاف لَيْسَ موضعها نصْب لأن إضافة حسب إليها إضافة صحيحة انتهى . وقوله سبحانه : { يَـٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ حَرِّضِ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَلَى ٱلْقِتَالِ … } الآية : { حَرِّضِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } ، أي : حُثَّهم وحُضَّهم ، وقوله سبحانه : { إِن يَكُن مِّنكُمْ … } إلى آخر الآية ، لفظُ خبرٍ ، مضمَّنه وعدٌ بشرط ؛ لأن قوله : { إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَـٰبِرُونَ } ، بمنزلة أنْ يقال : إِنْ يَصْبِرْ منكم عشرون يغلبوا ، وفي ضمنه الأمر بالصَّبر ، قال الفخر : وحَسُنَ هذا التكليفُ لما كان مسبوقاً بقوله : { حَسْبُكَ ٱللَّهُ وَمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } ، فلمَّا وعد اللَّه المؤمنين بالكِفَايَة والنصرِ ، كان هذا التكليفُ سَهْلاً ؛ لأن مَنْ تكلَّف اللَّه بنصره ، فإِن أَهْلَ العَالَمِ لاَ يَقْدِرُونَ عَلَى إيذَاءَتِهِ انتهى ، وتظاهرت الرواياتُ عن ابن عبَّاس وغيره من الصحابة ؛ بأنَّ ثبوت الواحدِ للعَشَرةِ ، كان فرضاً على المؤمنين ، ثم لمَّا شَقَّ ذلك عليهم ، حَطَّ اللَّه الفَرْضَ إِلى ثبوتِ الواحِدِ للاثنَيْنِ ، وهذا هو نَسْخُ الأَثْقَلِ بالأَخَفِّ ، وقوله : { لاَّ يَفْقَهُونَ } : معناه : لا يفهمون مراشِدَهم ، ولا مَقْصِدَ قتالهم ، لا يريدون به إِلا الغلبةَ الدنيويَّة ، فهم يخافُونَ المَوْت ؛ إِذا صُبَر لهم ، ومَنْ يقاتلْ ؛ ليَغْلِبَ ، أَو يُسْتشهد ، فيصير إِلى الجنة ، أثبَتُ قدماً لا محالة . وقوله : { وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّـٰبِرِينَ } : لفظُ خبرٍ في ضمنه وعْدٌ وحضٌّ على الصبر ، ويُلْحَظُ منه وعيدٌ لمن لم يَصْبِرْ ؛ بأنه يُغْلَبُ .