Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 16-18)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله عز وجل : { أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُواْ وَلَمَّا يَعْلَمِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ جَـٰهَدُواْ مِنكُمْ … } الآية : خطابٌ للمؤمنين ؛ كقوله : { أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ … } الآية [ آل عمران : 142 ] ومعنى الآية : أظننتم أن تتركوا دون اختبار وامتحانٍ ، والمراد بقوله : { وَلَمَّا يَعْلَمِ ٱللَّهُ } ، أي : لم يعلم اللَّه ذلك موْجُوداً ؛ كما عَلِمَهُ أَزلاً بشرط الوجود ، وليس يَحْدُثُ له علْم تبارك وتعالى عن ذلك ، و { وَلِيجَةً } : معناه : بِطَانَة ودَخِيلة ، وهو مأخوذ من الوُلُوج ، فالمعنى : أَمْراً باطناً مما يُنْكَر ، وفي الآيةِ طَعْنٌ على المنافقين الذين ٱتخذوا الوَلاَئِجَ ، قال الفَخْر : قال أبو عُبَيْدَة : كلّ شيءٍ أدخلْتَه في شيءٍ ليس منه ، فهو وَلِيجةٌ ، وأصله من الوُلُوج ، قال الواحديُّ يقال : هو وَلِيجَةٌ ، للواحدِ والجمع . انتهى . وقوله سبحانه : { مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَاجِدَ اللهِ } ، إِلى قوله : { إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَـٰجِدَ ٱللَّهِ مَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ … } الآية ، لفظ هذه الآية الخَبَرُ ، وفي ضمنها أمر المُؤمنين بِعَمارة المساجد ، وروي أبو سعيدٍ الخُدْرِيُّ ؛ أَن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّجُلَ يَعْتَادُ المَسَاجِدَ ، فٱشْهَدُوا لَهُ بالإِيمان " . * ت * : زاد ابن الخَطِيبِ في روايته : « فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ : { إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَـٰجِدَ ٱللَّهِ مَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلأَخِرِ } . انتهى من ترجمة محمَّد بنِ عبدِ اللَّهِ ، وفي الحديثِ عَنْه صلى الله عليه وسلم ؛ أَنَّهُ قَالَ : " إِنَّ اللَّهَ ضَمِنَ لِمَنْ كَانَتْ المَسَاجِدُ بَيْتَهُ الأَمْنَ ، والأَمَانَ ، وَالجَوَازَ عَلَى الصِّرَاطِ يَوْمَ القِيَامَةِ " خَرَّجه عليُّ بن عبد العزيز البَغَوِّيُّ في « المُسْنَد المُنْتَخَب » له ، وروى البغويُّ أيضاً في هذا « المسند » ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم ؛ أَنَّهُ قَالَ : " إِذَا أَوْطَنَ الرَّجُلُ المَسَاجِدَ بِالصَّلاَةِ ، وَالذِّكْرِ ، تَبَشْبَش اللَّهُ لَهُ كَمَا يَتَبَشْبَشُ أَهْلُ الغَائِبِ لِغَائِبِهمْ إِذَا قَدِمَ عَلَيْهِمْ " انتهى من « الكَوْكَب الدُّرِّيِّ » ، قيل : ومعنى « يَتَبَشْبَشُ » : أي يفرح به . وقوله سبحانه : { وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ ٱللَّهَ } ، يريد : خشيةَ التعظيمِ والعبادةِ ، وهذه مرتبةُ العَدْل من الناس ، ولا محالة أَنَّ الإِنسان يخشَى غيره ، ويخشَى المحاذيرَ الدنيويَّة ، وينبغي أن يخشَى في ذلك كلِّه قضاءَ اللَّهِ وتصريفَهُ .