Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 19-22)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله سبحانه : { أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ ٱلْحَاجِّ } { سِقَايَةَ ٱلْحَاجِّ } : كانَتْ في بني هَاشِمٍ ، وكان العبَّاس يتولاَّها ، قال الحسن : ولما نزلَتْ هذه الآيةُ ، قال العبَّاس : ما أَراني إلاَّ أتركُ السقايةَ ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم : « أُقِيمُوا عَلَيْهَا فَهِيَ خَيْرٌ لَكُمْ » { وَعِمَارَةَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ } : قيلَ : هي حِفْظه ممَّن يظلم فيه ، أو يقول هُجْراً ، وكان ذلك إِلى العبَّاس ، وقيل : هي السّدَانَة وَخِدْمَةِ البَيْت خَاصَّة ، وكان ذلك في بني عَبْد الدَّار ، وكان يتولاَّها عثمانُ بنُ طَلْحَة ، وابنُ عمه شَيْبَةُ ، وأقرَّها النبيُّ صلى الله عليه وسلم لهما ثَانِيَ يَوْمِ الفتحِ ، وقال : « خُذَاهَا خَالِدَةً تَالِدَةً لاَ يُنَازِعُكُمُوهَا إِلاَّ ظَالِمٌ » . واختلف الناس في سبب نزولِ هذه الآية ، فقال مجاهدٌ : أُمرُوا بالهجرة ، فقال العبَّاس : أنا أسقي الحاجَّ ، وقال عثمانُ بن طلحة : أنا حاجبُ الكَعْبَة ، وقال محمدُ بنُ كَعْب : إِن العبَّاس وعليًّا وعثمان بن طلحة تَفَاخَرُوا فنزلَتِ الآية ، وقيل غير هذا . وقوله سبحانه : { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَـٰهَدُواْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمْوَٰلِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ ٱللَّهِ … } الآية : لما حكم سبحانه في الآية المتقدِّمة بأن الصِّنفين لا يستوون ، بيَّن ذلك في هذه الآية الأخيرة ، وأوضحه ، فعدَّد الإِيمان والهجرة والجهاد بالمال والنفْس ، وحَكَم عَلَى أنَّ أهل هذه الخصالِ أَعظمُ درجةً عند اللَّه مِنْ جميع الخَلْقِ ، ثم حَكَمَ لهم بالفَوْزِ بِرَحْمَتِهِ ورضْوانه ، والفَوْزُ : بلوغُ البُغْيَةْ ، إمَّا في نيل رَغِيبَة ، أو نجاةٍ من هَلَكَة ، ويَنْظُرُ إِلى معنَى هذه الآية الحديثُ : " دَعُوا لي أَصْحَابِي ؛ فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَباً ، مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلاَ نِصِيفَهُ " ؛ ولأن أصحاب هذه الخِصَال علَى سيوفهم ٱنْبَنَى الإِسلام ، وتمهَّد الشرْعُ . وقوله سبحانه : { يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَٰنٍ } ، هذا وعْدٌ كريمٌ مِنْ ربٍّ رحيمٍ ، وفي الحديث الصحيح : " إِذَا ٱسْتَقَرَ أَهْلُ الجَنَّةِ في الجَنَّة ، يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ : هَلْ رَضِيتُمْ ؟ فَيَقُولُونَ : وَكَيْفَ لاَ نَرْضَى ، يَا رَبَّنَا ؟ فَيَقُولُ : إِنِّي سَأُعْطِيَكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِك ! رِضْوَانِي أَرْضَى عَلَيْكُمْ ؛ فَلاَ أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ أَبَداً … " الحديثَ .