Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 37-39)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله سبحانه : { إِنَّمَا ٱلنَّسِيءُ } ، يعني : فِعْلُ العرب في تأخيرهم الحُرْمَةَ ، { زِيَادَةٌ فِي ٱلْكُفْرِ } ، أي : جارٍ مع كفرهم باللَّهِ ، وخلافِهِمْ للحقِّ ، فالكفر متكثِّر بهذا الفِعْلِ الذي هو باطلٌ في نفْسهِ ؛ وممَّا وُجِدَ في أشعارهم قَوْلُ جِذْلٍ الطَّعَانِ : [ الوافر ] @ وَقَدْ عَلِمَتْ مَعَدٌّ أَنَّ قَوْمِي كِرَامُ النَّاسِ إِنَّ لَهُمْ كِرَامَا أَلَسْنَا النَّاسِئِينَ عَلَى مَعَدٍّ شُهُورَ الحِلِّ نَجْعَلُهَا حَرَامَا @@ وقوله سبحانه : { يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا } ، معناه : عاماً من الأعوام ، وليس يريد أنَّ تلك كانَتْ مداولةً . وقوله سبحانه : { لِّيُوَاطِئُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ } ، معناه : ليوافقُوا ، والمواطَأَةُ : الموافَقَةُ . وقوله سبحانه : { يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ ٱنفِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱثَّاقَلْتُمْ إِلَى ٱلأَرْضِ } ، هذه الآيةُ بلا خلافٍ أنها نزلَتْ عتاباً على تخلُّف من تخلَّف عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم في غزوة تَبُوكَ ، وكانَتْ سنةَ تسْعٍ من الهجرةِ بعد الفَتْح بعامٍ ، غزا فيها الرُّوم في عِشْرينَ ألْفاً بين راكبٍ وراجلٍ ، والنَّفْر : هو التنقُّل بسرعة من مكانٍ إلى مكانٍ ، وقوله : « أثاقلتم » أصله تَثَاقَلْتُمْ ، وكذلك قرأ الأعمش وهو نحو قوله : { أَخْلَدَ إِلَى ٱلأَرْضِ } [ الأعراف : 176 ] وقوله : { أَرَضِيتُم } تقريرٌ ، والمعنى : أرضيتمْ نَزْرَ الدنيا ، عَلى حظيرِ الآخرةِ ، وحَظِّها الأَسْعَد . قَالَ ابنُ هِشامٍ فـــ « مِنْ » من قوله : { مِنَ ٱلأَخِرَةِ } للبدل . انتهى . ثم أخبر سبحانه ، أنَّ الدنيا بالإِضافة إِلى الآخرة قليلٌ نَزْرٌ ، فتعطي قُوةُ الكلام التعجُّبَ مِنْ ضلالِ مَنْ يرضَى النزْرَ الفانِيَ بَدَل الكثير الباقي . * ت * : وفي « صحيح مُسْلم » و « الترمذيِّ » ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " مَا الدُّنْيَا في الآخرة إِلاَّ مَثْلُ مَا يَجْعَلُ أَحَدُكُمْ إِصْبَعَهُ في اليَمِّ ، فَلْيَنْظُرْ بِمَاذَا تَرْجعٌ " قال أبو عيسَى : هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ . انتهى . وقوله سبحانه : { إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ } : شرطٌ وجوابٌ ، ولفظُ « العذاب » عامٌّ يدخل تخته أنواعُ عذابِ الدنيا والآخرة . وقوله : { وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ } : تَوعُّدٌ بأن يبدل لرسوله عليه السلام قوماً لا يقعدون عند ٱستنفارِهِ إِياهم ، والضميرُ في قوله : { وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئًا } عائدٌ على اللَّه عز وجل ، ويحتملُ أنُ يعود على النبيِّ صلى الله عليه وسلم هو أَلْيَقُ .