Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 40-41)
Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله سبحانه : { إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ ٱللَّهُ } هذا أيضاً شرطٌ وجوابٌ ، ومعنى الآية : إِنكم إِن تركتم نَصْره ، فاللَّه متكفِّل به ؛ إِذ قد نصره في موضع القلَّة والانفراد وكثرةِ العدو ، ولَنْ يترك نَصْرَهُ الآن . وقوله : { إِذْ أَخْرَجَهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } ، أسند الإخراج إِليهم ؛ تذنيباً لهم ، ولما كان مَقْصِدُ أبي سفيان بن الحارثِ الفَخْرَ في قوله : من طردت كل مطرد ، لم يقرَّه النبيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى ما عُلِمَ في كتب « السِّيرَةِ » ، " الإِشارةُ إِلى خروجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ مكَّة إلى المدينة ، وفي صحبته أبو بَكْر ، وٱختصارُ القصَّة أَنَّ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان ينتظر إِذْنَ اللَّه سبحانه في الهِجْرة من مكَّة ، وكان أبو بَكْر حينَ تَرَكَ ذمَّة ابنِ الدِّغِنَّةِ قد أراد الخروجَ ، فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم : « ٱصْبِرْ ، لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُسَهِّلَ الصُّحْبَةَ » فَلَمَّا أَذِنَ اللَّه لنبيِّه في الخروج ، تجهَّز مِنْ دار أبي بَكْر ، وخَرَجَا ، فبقيا في الغار الذي في جَبَلِ ثَوْرٍ في غَرْبِيِّ مَكَّة ثلاثَ ليالٍ ، وخرج المشركُونَ في إِثرهِمْ ؛ حتى ٱنْتَهوْا إِلى الغار ، فَطَمَسَ اللَّهُ عَلَيْهِم الأَثَرَ ، وقال أبو بَكْرٍ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم : لَوْ نَظَر أَحَدُهُمْ إِلى قدمه ، لرآنَا ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : « مَا ظَنُّكَ بٱثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا » " هكذا في الحديث الصحيحِ ، ويروَى أن العنكبوتَ نَسَجَتْ على باب الغَار . ويُرْوَى أن الحمامة عشَّشَتْ عند باب الغارِ ، وكان يروحُ عليهما باللَّبَنِ عامرُ بْنُ فُهَيْرَةَ . وقوله : { ثَانِيَ ٱثْنَيْنِ } ، معناه : أحد اثنين ، وقوله : { إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَا } ، يريد : بالنصر والنجاة واللُّطْف . وقوله سبحانه : { وَكَلِمَةُ ٱللَّهِ هِيَ ٱلْعُلْيَا } ، قيل : يريد : لا إِلٰه إِلا اللَّه ، وقيل : الشرْعَ بأسره . وقوله سبحانه : { ٱنْفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً } معنى الخِفَّة والثِّقَلِ ههنا : مستعار لمن يمكنه السفَرُ بسهولة ، ومن يمكنه بصُعُوبة ، وأما من لا يمكنه ، كالعُمْيِ ونحوهم ، فخارجٌ عن هذا . وقال أبو طلحة : ما أسْمع اللَّه عذر أحد ، وخرج إِلى الشامِ ، فجاهد حتَّى ماتَ . وقال أبو أيُّوب : ما أَجدني أبداً إِلا خفيفاً أو ثقيلاً . وقوله سبحانه : { ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } : تنبيهٌ وهزٌّ للنفوس .