Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 42-45)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله سبحانه : { لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لاَّتَّبَعُوكَ } ، هذه الآية في المنافقين المتخلِّفين في غزوة تَبُوكَ ، وكَشْفِ ضمائرهم ، وأما الآيات التي قبلها ، فعامَّة فيهم وفي غيرهم ، والمعنى : لو كان هذه الغزوَ لِعَرَضٍ ، أي : لمال وغنيمةٍ تنالُ قريباً ؛ بسَفرٍ قاصدٍ يسيرٍ ، لبادروا لا لوجه اللَّه ، { وَلَـٰكِن بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ ٱلشُّقَّةُ } وهي المسافةُ الطويلة . وقوله : { وَسَيَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ } ، يريد : المنافقينَ ، وهذا إِخبار بغَيْب . وقوله عز وجل : { عَفَا ٱللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ } ، هذه الآيةُ هي في صِنْفٍ مُبَالِغٍ في النفاق ، ٱستأذنوا دون ٱعتذارٍ ، منهم : الجَدُّ بْنُ قَيْسٍ وَرِفَاعَةُ بْنُ التأبوت وَمنِ اتبعهم ؛ قال مجاهدٌ : وذلك أَنَّ بعضهم قال : نَسْتَأْذنه ، فإِن أَذِنَ في القعودِ قعدنا ، وَإِلاَّ قعدنا ، وقَدَّم له العَفْوَ قبل العتاب : إِكراماً له صلى الله عليه وسلم ، وقالت فرقة : بل قوله سبحانه { عَفَا ٱللَّهُ عَنكَ } : ٱستفتاحُ كلامٍ كما تقولُ : أصْلَحَكَ اللَّهُ ، وأَعَزَّكَ اللَّهُ ، ولم يكنْ منه عليه السلام ذَنْبٌ يعفَى عنه ؛ لأن صورة ٱلاستنفار وقَبُول الأَعْذَار مصروفةٌ إِلى ٱجتهاده . وقوله : { حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ } ، يريد : في ٱستئذانك ، وأنك لو لم تأذن لهم ، خرجوا معك . وقوله : { وَتَعْلَمَ ٱلْكَـٰذِبِينَ } ، أي : بمخالفتكَ ، لَوْ لم تأذن ؛ لأنهم عَزَمُوا على العِصْيَان ، أذنتَ لهم أو لم تأذن ، وقال الطبريُّ : معناه : حتى تعلم الصَّادقين ؛ في أَنَّ لهم عُذْراً ، والكاذبين ، في أن لا عُذْرَ لهم ، والأول أصْوبُ ، واللَّه أعلم ، وأمَّا قوله سبحانه : في سورة : { فَإِذَا ٱسْـتَئْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ … } [ النور : 62 ] الآية ، ففي غزوة الخندَقِ نزلَتْ : { وَٱرْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ } ، أيْ : شكَّت و { يَتَرَدَّدُونَ } ، أي : يتحيَّرون ؛ إِذ كانوا تخطر لهم صِحَّة أمر النبيِّ صلى الله عليه وسلم أحياناً ، وأنه غير صحيحٍ أحياناً ، فهم مذبذبُونَ .