Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 22-22)

Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ } الآية لما بيَّن تعالى أن إخوته لمَّا أساءوا إليه ثمَّ صبر على تلك الإساءة ، والشَّدائد مكَّنهُ اللهُ في الأرض ، ثم لما بلغ أشدهُ آتاه اللهُ الحكم ، والعلم ، والمقصود أن جميع ما قام به من النِّعمِ كان جزاء على صبره . قوله : " أشدَّهُ " فيه ثلاثة أقوال : أحدها : وهو قولُ سيبويه : أنَّهُ جمع مفرده شدَّة ، نحو نعمة وأنعم . الثاني : قول الكسائي أنَّ " أشدّه " مفردة : " شدَّ " بزنة " فعل " نحو : " صَكَّ " ، وأصكَّ " ويؤيدهُ قول الشاعر : [ الكامل ] @ 3073ـ عَهْدِي بِهَا شدَّ النَّهارُ كأنَّما خُضِبَ البَنَانُ ورَأسهُ بالعِظْلِم @@ والثالث : أنه جمعٌ لا واحد له من لفظه ، قاله أبو عبيدة ، وخالفه الناس في ذلك ، وقد سمع " شدَّه وشُدَّ " وهما صالحانِ له ، وهو من الشدِّ ، وهو الرَّبطُ على الشيء ، والعقد عليه . قال الراغب : وقوله تعالى : { حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ } [ الأحقاف : 15 ] فيه تنبيهٌ على أنَّ الإنسان ، إذا بلغ هذا القدر استوى خلقه الذي هو عليه ، فلا يكادُ يزايله ، ما أحسن ما [ نبه له ] الشاعر حين قال : [ الطويل ] @ 3074ـ إذَا المَرْءُ وافَي الأرْبعينَ ولمْ يَكُنْ لَهُ دُونَ ما يَهْوَى حَياءٌ و لا سِتْرُ فَدعْهُ ولا تَنفِسْ عَليْهِ الَّذي مَضَى وإنْ جَرَّ أسْبابَ الحَياةِ لهُ العُمْرُ @@ والأشدَّ : منتهى شبابه ، وشدَّته ، وقوَّته . قال مجاهدٌ عن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما : ثلاثاً وثلاثين سنة . وقال السديُّ : ثلاثين سنة وقال الضحاكُ : " عشرين سنة " . وقال الكلبيُّ : ما بين ثماني عشرة سنة إلى ثلاثين سنة . وسئل مالكٌ رضي الله عنه عن الأشد قال : هو الحلم ، وقد تقدَّم الكلامُ على الأشد في سورة الأنعام عند قوله : { حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ } [ الأنعام : 152 ] . قوله : { وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً } فالحُكْمُ : النبوةُ ، والعلمُ : التفقَهُ في الدِّين ، وقيل : يعني : إصابة في القول ، وعلماً [ بتفاصيل ] الرُّؤيا . وقيل : الفرقُ بين الحكيمِ والعالمِ : أن العالم هو الذي يعلم الأشياء ، والحكيمُ : الذي يَحكمُ بما يوجبه العلمُ . قوله : " وكَذِلكَ " إمَّا نعتٌ لمصدرٍ محذوفٍ ، أو حالٌ من ضمير المصدر ، وتقدَّم نظائره . { نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ } قال ابنُ عبًّاسٍ رضي الله عنهما ـ : المؤمنين ، وعنه أيضاً : المهتدين . وقال الضحاك : الصَّابرين على النَّوائب كما صبر يوسفُ .