Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 15, Ayat: 49-50)
Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ } أثبتت الهمزة الساكنة في " نَبِّىء " صورة ، وما أثبتت في قوله : " دِفْءٌ " ؛ لأنَّ ما قبلها ساكنٌ ، فهي تحذف كثيراً ، وتلقى حركتها على الساكن قبلها فـ " نَبِّىءْ " في الخط على تحقيق الهمزة ، وليس قبل همزة " نَبِّىْ " ساكن ؛ فأخَّروها على قياس الأصل . وقوله " أنَا الغَفورُ " يجوز في " أنَا " أن يكون تأكيداً ، أن يكون فصلاً . وقوله : { هُوَ ٱلْعَذَابُ } يجوز في " هُوَ " الابتداء ، والفصل ، ولا يجوز التوكيد ؛ إذ المظهر لا يؤكَّد بالمضمر . فصل ثبت في أصول الفقه أنَّ ترتيب الحكم على الوصف المناسب يشعر بغلبةِ ذلك الوصف ، فهاهنا وصفهم بكونهم عباده ، ثم ذكر عقب هذا الوصف الحكم بكونه غفوراً رحيماً ، وهذا يدلُّ على أنَّ كلَّ من اعترف بالعبودية ، وكان في حقِّه غفوراً رحيماً ، ومن أنكر ذلك ، كان مستوجباً للعذاب الأليم . وفي الآية لطائف : أولها : أنه أضاف العباد إلى نفسه بقوله : " عِبَادي " وهذا تشريفٌ عظيمٌ ، ويدل عليه قوله : { سُبْحَانَ ٱلَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ } [ الإسراء : 1 ] . وثانيها : أنه لما ذكر المغفرة ، والرحمة بالغ في التَّأكيدات بألفاظٍ ثلاثة : أولها : قوله : " أنِّي " . وثانيها : " أنَا " . وثالثها : إدخال الألف واللام على قوله : " الغَفُور الرَّحيمُ " ، ولما ذكر العذاب ، لم يقول : إني أنا ولَمْ يَصفْ نفسهُ بِذلكَ ، بل قال عزَّ وجلَّ : { عَذَابِي هُوَ ٱلْعَذَابُ ٱلأَلِيمُ } . وثالثها : أنه تعالى أمر رسوله صلوات الله وسلامه عليه أن يبلغ إليهم هذا المعنى ، فكأنه أشهد رسوله على نفسه بالتزام المغفرة ، والرحمة . ورابعها : أنه تعالى لمَّا قال : { نَبِّىءْ عِبَادِي } كان معناه : كلّ من اعترف بعبوديَّتي ، وهذا يشمل المؤمن ، والعاصي ، وكل ذلك يدل على تغليب جانب الرحمة من الله تعالى ـ . قال قتادة : بلغنا أن نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم قال : " لَو يَعْلمُ العَبدُ قَدْرَ عَفْوِ الله لمَا تورَّع عن حرامٍ ، ولوْ عَلِمَ قدر عِقابِهِ لبَخَعَ نَفْسَهُ " أي : قتلها . وعن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه مرَّ بِنفَرٍ من أصحابه ، وهم يضحكُون ، فقال : أتَضحَكُون وبيْنَ أيديكمُ النَّارُ ؟ فنزَل جِبريلُ صلوات الله وسلامه عليه بِهذِهِ الآية ، وقال : " يقُول لك يا محمَّد : لِمَ تقنط عِبادِي " . وقال ابن عبَّاسِ رضي الله عنهما ـ : معنى : { أَنَا ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ } لمن تاب منهم .