Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 22-23)

Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ } لما زيف طريقة عبدة الأصنام وفساد مذاهبهم ، قال { إلهكم إله واحد } ثمَّ ذكر ما لأجله أصرَّ الكفار على الشركِ ؛ فقال : { فَٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلأَخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ } جاحدة { وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ } مستعظمون أي : إنَّ المؤمنين في الآخرة يرغبون بالفوز في الثواب الدائم ، ويخافون العقاب الدائم ، فإذا سمعوا الدلائل خافوا ، وتأمَّلوا ، وتفكروا فيما يسمعون ، فلا جرم ينتفعون بسماع الدلائل ، ويرجعون إلى الحقِّ . وأمَّا الذين لا يؤمنون بالآخرة وينكرونها ، فإنهم لا يرغبون في الثواب ولا يرهبون عن الوقوع في العقاب ، فيبقون منكرين لكلِّ كلامٍ يخالف قولهم ، ويستكبرون عن الرجوع إلى قول غيرهم ، فيبقون مصرِّين على الجهل والضلال . قوله تعالى : { لاَ جَرَمَ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُسْتَكْبِرِينَ } . قد تقدم الكلام على لفظة " لا جَرمَ " في سورة هودٍ - عليه السلام - والعامة على فتح الهمزة من " أن اللهَ " ، وكسرها عيسى الثقفي رحمه الله ، وفيها وجهان : أظهرهما : الاستئناف . والثاني : جريان " لا جرمَ " مجرى القسم فيتلقى بما يتلقى به . وقال بعض العرب : " لا جَرمَ واللهِ لا [ فَارَقْتُكَ ] " وهذا يضعف كونها للقسم ؛ لتصريحه بالقسم بعدها ، وإن كان أبُو حيَّان أتى بذلك مقوِّياً لجريانها مجرى القسم . قوله : { إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُسْتَكْبِرِينَ } ، أي : أنَّ إصرارهم على الكفر ليس لأجل شبهة تصوروها ، بل لأجل التقليد لأسلافهم ، والتَّكبُّر ؛ قال عليه الصلاة والسلام : " لا يَدْخُل الجَنَّة مَنْ كَانَ في قَلْبهِ مِثْقَالُ ذرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ ، ولا يدْخُلُ النَّارَ مَنْ كَانَ في قَلْبِه مِثقَالُ ذرَّةٍ من إيمانٍ ، فقال رجُلٌ : يا رسُولَ الله - صلّى الله عَليْكَ - إنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أنْ يكُونَ ثَوْبهُ حَسناً ، قال صلى الله عليه وسلم : إنَّ الله - تعَالَى - جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمالَ ، الكِبْرُ : بَطرُ الحقِّ ، وغَمْطُ البَاطلِ " .