Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 16-18)
Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَآءَ وَٱلأَرْضَ } الآية . اعلم أنه لما بين إهلاك القرية لأجل تكذيبهم أتبعه بما يدل على أنه فعل ذلك عدلاً منه ، ومجازاة على ما فعلوا فقال : { وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَآءَ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاَعِبِينََ } أي : وما سوينا هذا السقف المرفوع ، وهذا المهاد الموضوع وما بينهما من العجائب والغرائب كما سوى الجبابرة سقوفهم وفرشهم للعب واللهو ، وإنما سويناهم لفوائد دينية ودنيوية . أما الدينية فليتفكر المكلفون فيها على ما قال : { وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ ٱلسَّمَٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ } [ آل عمران : 191 ] . وأما الدنيوية فلما يتعلق بها من المنافع التي لا تعد ولا تحصى ، وهو كقوله : { وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَآءَ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً } [ ص : 27 ] وقوله : { مَا خَلَقْنَاهُمَآ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ } [ الدخان : 39 ] . وقيل : وجه النظم أن الغرض منه تقرير نبوة محمد - عليه السلام - والرد على منكريه ، لأنه أظهر المعجز عليه ، فإن كان محمد كاذباً كان إظهار المعجز عليه من باب اللعب ، وذلك منفي عنه ، وإن كان صادقاً فهو المطلوب وحينئذ يفسد كل ما ذكروه من المطاعن و " لاعبين " حال من فاعل " خلقنا " . فصل قال القاضي عبد الجبار : دلَّت هذه الآية على أن اللعب ليس من قبله تعالى ، إذ لو كان كذلك لكان لاعباً ، فإن اللاعب في اللغة اسم لفاعل اللعب ، فنفي الاسم الموضوع لفعل يقتضي نفي الفعل . والجواب يبطل ذلك بمسألة الداعي ، وقد تقدم . قوله : { لَوْ أَرَدْنَا أَن نَتَّخِذَ لَهْواً } . قال ابن عباس : في رواية عطاء : اللهو : المرأة ، وهو قول الحسن وقتادة وقال في رواية الكلبي : اللهو : الولد بلغة اليمن ، وهو قول السدي . وهو في المرأة أظهر ، لأن الوطأ يسمى لهواً في اللغة ، والمرأة محل الوطأ . { لاتخذناه من لدنا } أي : من عندنا من الحور العين لا من عندكم من أهل الأرض . وقيل : معناه لو كان ذلك جائزاً في صفته لم يتخذه بحدث يظهر لهم ويستر ذلك حتى لا يطلع عليه . وتأويل الآية : أن النصارى لما قالوا في المسيح وأمه ما قالوا رد الله عليهم بهذا ، وقال : { لاتخذناه من لدنا } ، لأنكم تعلمون أن ولد الرجل وزوجته يكونان عنده لا عند غيره . قوله : { إِن كُنَّا فَاعِلِينَ } في " إِن " هذه وجهان : أحدهما : أنها نافية ، أي : ما كنا فاعلين ، قاله قتادة ومقاتل وابن جريج . والثاني : أنها شرطية ، وجواب الشرط محذوف لدلالة جواب " لو " عليه والتقدير : إن كنا فاعلين اتخذناه ولكنا لم نفعله ، لأنه لا يليق بالربوبية . قوله : { بَلْ نَقْذِفُ بِٱلْحَقِّ عَلَى ٱلْبَاطِلِ } . " بَلْ " حرف إضراب عن اتخاذ اللهو واللعب وتنزيه لذاته كأنه قال : سبحاننا أن نتخذ اللهو واللعب بل من موجب حكمتنا أن نغلب اللعب بالجد وندحض الباطل بالحق . والمعنى دع الذي قالوا فإنه كذب وباطل . و " نقذف " نرمي ونسلط قال تعالى : { وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ دُحُوراً } [ الصافات : 8 ، 9 ] أي يرمون بالشهب . " بالحق " بالإيمان ، " على الباطل " على الكفر وقيل : الحق قول الله : إنه لا ولد له ، والباطل قولهم : اتخذ الله ولداً . قوله : " فَيَدْمَغُه " العامة على رفع الغين نسقاً على ما قبله . وقرأ عيسى بن عمر بنصبها قال الزمخشري : وهو في ضعف قوله : @ 3705 - سَأَتْرُكُ مَنْزِلِي لِبَنِي تَمِيم وأَلحَقُ بالحجاز فَأَسْتَرِيحا @@ وقرىء شاذاً " فيدمغه " بضم الميم ، وهي محتملة لأن يكون في المضارع لغتان يَفْعَل ويَفْعُل ، وأن يكون الأصل الفتح والضمة للإتباع في حرف الحلق . و " يدمَغُه " أي يصيب دماغه من قولهم : دمغت الرجل ، أي ضربته في دماغه كقولهم : رأسه وكبده ورجله ، إذا أصاب منه هذه الأعضاء . وأصل الدمغ شج الرأس حتى يبلغ الدماغ . واستعار القذف والدمغ تصويراً لإبطاله به ، فجعله كأنه جرم صلب كالصخرة مثلاً قذف به على جرم رخو أجوف فدمغه : أهلكه وأذهبه { فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ } ذاهب ، " وَلَكُمُ الوَيْل " يعني من كذب الرسول ونسب القرآن إلى أنه سحر وأضغاث أحلام ، وغير ذلك من الأباطيل . قوله : " مِمَّا تَصِفُونَ " فيه أوجه : أحدها : أنه متعلق بالاستقرار الذي تعلق به الخبر ، أي : استقر لكم الويل من أجل ما تصفون . و " مِنْ " تعليلية . وهذا وجه وجيه . والثاني : أنه متعلق بمحذوف . والثالث : أنه حال من الويل ، أي : الويل واقعاً مما تصفون ، كذا قدره أبو البقاء و " مَا " في " ممَّا تَصِفُونَ " يجوز أن تكون مصدرية فلا عائد عند الجمهور ، وأن تكون بمعنى الذي ، أو نكرة موصوفة ، ولا بد من العائد عند الجميع ، حذف لاستكماله الشروط . والمعنى : ممّا تصفون الله بما لا يليق به من الصاحبة والولد . وقال مجاهد : مما تكذبون .