Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 22, Ayat: 19-24)
Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { هَـٰذَانِ خَصْمَانِ ٱخْتَصَمُواْ فِي رَبِّهِمْ } الآية . لما بين أن الناس قسمان منهم من يسجد لله ، ومنهم من حق عليه العذاب ذكر هاهنا كيفية اختصامهم . والخصم : في الأصل مصدر ولذلك يوحد ويذكر غالباً ، وعليه قوله تعالى { نَبَأُ ٱلْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُواْ } [ ص : 21 ] . ويجوز أن يثنى ويجمع ويؤنث ، وعليه هذه الآية . ولما كان كل خصم فريقاً يجمع طائفة قال " اختصموا " بصيغة الجمع كقوله : { وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱقْتَتَلُواْ } [ الحجرات : 9 ] فالجمع مراعاة للمعنى وقرأ ابن أبي عبلة " اختصما " مراعاة للفظ وهي مخالفة للسواد . وقال أبو البقاء : وأكثر الاستعمال توحيده فيمن ثناه وجمعه حمله على الصفات والأسماء . و " اخْتَصَمُوا " إنما جمع حملاً على المعنى لأن كل خصم تحته أشخاص . وقال الزمخشري : الخَصْم صفة وصف بها الفوج أو الفريق ، فكأنه قيل : هذان فوجان أو فريقان يختصمان ، وقوله : " هَذَانِ " للفظ ، و " اختَصَمُوا " للمعنى ، كقوله : { وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّىٰ إِذَا خَرَجُواْ } [ محمد : 16 ] ، ولو قيل : هؤلاء خصمان أو اختصما جاز أن يراد المؤمنون والكافرون . قال شهاب الدين : إن عنى بقوله : أن خصماً صفة بطريق الاستعمال المجازي فمسلم ، لأن المصدر يكثر الوصف به ، وإن أراد أنه صفة حقيقية فخطأه ظاهر لتصريحهم بأن نحو رجل خَصْم مثل رجل عَدْل ، وقوله : " هذان " للفظ . أي : إنما أشير إليهم إشارة المثنى ، وإن كان في الحقيقة المراد الجمع باعتبار لفظ الفوجين والفريقين ونحوهما . وقوله : كقوله : { وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ } [ محمد : 16 ] إلى آخره فيه نظر ، لأن في تيك الآية تقدم شيء له لفظ ومعنى وهو " من " ، وهنا لم يتقدم شيء له لفظ ومعنى . وقوله تعالى : { فِي رَبِّهِمْ } أي : في دين ربهم ، ، فلا بد من حذف مضاف أي جادلوا في دينه وأمره . وقرأ الكسائي في رواية عنه " خصمان " بكسر الخاء . واحتج من قال أقل الجمع اثنان بقوله : { هَـٰذَانِ خَصْمَانِ ٱخْتَصَمُواْ } . وأجيب بأن المعنى جمع كما تقدم . فصل اختلفوا في تفسير الخَصْمَيْن ، فقيل : المراد طائفة المؤمنين وجماعتهم ، وطائفة الكفار وجماعتهم ، وأن كل الكفار يدخلون في ذلك ، قال ابن عاس : رجع أهل الأديان الستة " في رَبِّهِم " أي في ذاته وصفاته . وقيل : إنّ أهل الكتاب قالوا : نحن أحق بالله ، وأقدم منكم كتاباً ، ونبينا قبل نبيكم . وقال المؤمنون : نحن أحق بالله آمنا بمحمد وآمنا بنبيكم وما أنزل الله من كتاب ، وأنتم تعرفون كتابنا ونبينا ثم تكتمونه ، وكفرتم به حسداً ، فهذه خصومتهم في ربهم . وقيل : هو ما روى قيس بن عباد عن أبي ذر الغفاري أنه كان يحلف بالله أن هذه الآية نزلت في ستة نفر من قريش تبارزوا يوم بدر : حمزة وعلي وعبيدة بن الحارث ، وعتبة وشيبة ابني ربيعة والوليد بن المغيرة . وقال علي - رضي الله عنه - أنا أول من يجثو للخصومة بين يدي الله . وقال عكرمة : هما الجنة والنار . قالت النار : خلقني الله لعقوبته ، وقالت الجنة : خلقني الله لرحمته ، فقص الله على محمد خبرهما . والأقرب هو الأول ؛ لأن السبب وإن كان خاصاً فالواجب حمل الكلام على ظاهره . وقوله : " هَذَانِ " كالإشارة إلى ما تقدم ذكره ، وهم الأديان الستة المذكورون في قوله : { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلصَّابِئِينَ وَٱلنَّصَارَىٰ وَٱلْمَجُوسَ وَٱلَّذِينَ أَشْرَكُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيامَةِ } [ الحج : 17 ] . وأيضاً ذكر صنفين أهل طاعته وأهل معصيته ممن حق عليه العذاب ، فوجب رجوع ذلك إليهما ، فمن خص به مشركي العرب واليهود من حيث قالوا في نبيهم وكتابهم ما حكينا فقد أخطأ ، وهذا هو الذي يدل على أن قوله : { إِنَّ ٱللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ } [ الحج : 17 ] أراد به الحكم ، لأن ذلك التخاصم يقتضي أن الواقع بعده حكماً . فبين تعالى حكمه في الكفار ، وذكر من أحوالهم ثلاثة أمور : أحدها : قوله : { فَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارِ } ، وهذه الجملة تفصيل وبيان لفصل الخصومة المعني بقوله تعالى : { إِنَّ ٱللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ } [ الحج : 17 ] قاله الزمخشري . وعلى هذا فيكون " هَذَانِ خَصْمَانِ " معترضاً ، والجملة من " اخْتَصَمُوا " حالية وليست مؤكدة لأنها أخص من مطلق الخصومة المفهومة من " خَصْمَان " وقرأ الزعفراني في اختياره " قُطِعَتْ " مخفف الطاء ، والقراءة المشهورة تفيد التكثير وهذه تحتمله . والمراد بالثياب إحاطة النار بهم كقوله { لَهُمْ مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ } [ الأعراف : 41 ] ، وقال سعيد بن جبير : ثياب من نحاس مذاب . وقال بعضهم : يلبس أهل النار مقطعات من النار . قوله : " يُصَبُّ " هذه الجملة تحتمل أن تكون خبراً ثانياً للموصول ، وأن تكون حالاً من الضمير في " لَهُمْ " ، وأن تكون مستأنفة . والحميم الماء الحار الذي انتهت حرارته ، قال ابن عباس : لو قطرت منه قطرة على جبال الدنيا لأذابتها . قوله : " يُصْهَر " جملة حالية من الحميم ، والصهر الإذابة ، يقال : صَهَرْتُ الشحم ، أي : أذبته ، والصهارة الألية المذابة ، وصهرته الشمس : أذابته بحرارتها ، قال : @ 3753 - تَصْهَرُه الشَّمْسُ وَلاَ يَنْصَهِر @@ وسمي الصِّهْرُ صِهْراً لامتزاجه بأصهاره تخيلاً لشدة المخالطة . وقرأ الحسن في آخرين " يُصَهِّر " بفتح الصاد وتشديد الهاء مبالغة وتكثيراً لذلك ، والمعنى : أن الحميم الذي يصب من فوق رؤوسهم يذيب ما في بطونهم من الشحوم والأحشاء . قوله : " والجُلُود " فيه وجهان : أظهرهما : عطفه على " ما " الموصولة ، أي : يذيب الذي في بطونهم من الأمعاء ، ويذاب أيضاً الجلود ، أي يذاب ظاهرهم وباطنهم . والثاني : أنه مرفوع بفعل مقدر أي : يحرق الجلود . قالوا : لأن الجلد لا يذاب إنما ينقبض وينكمش إذا صلي بالنار ، وهو في التقدير كقوله : @ 3754 - عَلَفْتُهَا تِبْناً ( وَمَاءً بَارِداً ) 3755 - وَزَجَّجْنَ الحَوَاجِبَ والعُيُونَا @@ { وَٱلَّذِينَ تَبَوَّءُوا ٱلدَّارَ وَٱلإِيمَانَ } [ الحشر : 9 ] فإنه على تقدير : وسقيتها ماء ، وكحلن العيون ، واعتقدوا الإيمان . قوله : " وَلَهُمْ مَقَامِعُ " يجوز في هذا الضمير وجهان : أظهرهما : أنه يعود على " الذين كفروا " ، وفي اللام حينئذ قولان : أحدهما : أنها للاستحقاق . والثاني : أنها بمعنى ( على ) كقوله : " وَلَهُمُ اللَّعْنَة " وليس بشيء . والوجه الثاني : أن الضمير يعود على الزبانية أعوان جهنم ، ودل عليهم سياق الكلام ، وفيه بعد . " مِنْ حَدِيد " صفة لـ " مَقَامِعُ " ، وهي مِقْمَعَة بكسر الميم ، لأنها آلة القمع ، يقال : قمعه يقمعه : إذا ضربه بشيء يزجره به ، ويذله ، والمقمعة : المطرقة ، وقيل : السوط ، أي : سياط من حديد ، وفي الحديث " لَوْ وُضِعَتْ مِقْمَعَةٌ مِنْهَا في الأَرْضِ فَاجْتَمَعَ عَلَيْهَا الثَّقَلاَنِ ( مَا أَقَلّوهَا ) " . قوله : " كُلَّمَا أَرَادُوا " . " كُلّ " نصب على الظرف ، وتقدم الكلام في تحقيقها في البقرة ، والعامل فيها هنا قوله : " أُعِيدُوا " . و " مِنْ غَمٍّ " فيه وجهان : أظهرهما : أنه بدل من الضمير في " منها " بإعادة العمل بدل اشتمال كقوله : { لِمَن يَكْفُرُ بِٱلرَّحْمَـٰنِ لِبُيُوتِهِمْ } [ الزخرف : 33 ] ، ولكن لا بد في بدل الاشتمال من رابط ، فقالوا : هو مقدر تقديره : من غمها . والثاني : أنه مفعول له ، ولما نقص شرط من شروط النصب جر بحرف السبب . وذلك الشرط هو عدم اتحاد الفاعل ، فإن فاعل الخروج غير فاعل الغم ، فإن الغم من النار والخروج من الكفار . واعلم أن الإعادة لا تكون إلا بعد الخروج ، والمعنى : كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم فخرجوا أعيدوا فيها . ومعنى الخروج ما يروى عن الحسن : أن النار تضربهم بلهبها فترفعهم حتى إذا كانوا في أعلاها ضُرِبُوا بالمقامع فهووا فيها سبعين خريفاً . قوله : " وَذُوقُوا " منصوب بقول مقدر معطوف على " أُعِيدُوا " أي : وقيل لهم : { ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ } ، أي : المُحْرِق مثل الأليم والوجيع . قال الزجاج : هو لأحد الخصمين ، وقال في الخصم الآخر وهم المؤمنون : { إِنَّ ٱللَّهَ يُدْخِلُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ } . قوله : " يُحَلَّوْنَ " العامة على ضم الياء وفتح اللام مشددة من حلاه يُحَلِّيه إذا ألبسه الحليّ . وقرئ بسكون الحاء وفتح اللام مخففة ، وهو بمعنى الأول كأنهم عدوه تارة بالتضعيف وتارة بالهمزة . قال أبو البقاء : من قولك : أُحْلي أي : أُلبس الحلي هو بمعنى المشدد . وقرأ ابن عباس بفتح الياء وسكون الحاء وفتح اللام مخففة ، وفيها ثلاثة أوجه : أحدها : أنه من حَلِيَت المرأة تَحْلَى فهي حال ، وكذلك حَلِيَ الرجل فهو حال ، إذا لبسا الحلي ( أو صارا ذوي حليّ ) . الثاني : أنه من حَلِيَ بعيني كذا يحلى إذا استحسنه ، و " من " مزيدة في قوله " من أساور " قال : فيكون المعنى : يستحسنون فيها الأساور الملبوسة ولما نقل أبو حيان هذا الوجه عن أبي الفضل الرازي قال : وهذا ليس بجيد ، لأنه جعل حلي فعلاً متعدياً ، ولذلك حكم بزيادة ( من ) في الواجب ، وليس مذهب البصريين ، وينبغي على هذا التقدير أن لا يجوز ، لأنه لا يحفظ بهذا المعنى إلا لازماً ، فإن كان بهذا المعنى كانت " من " للسبب ، أي بلباس أساور الذهب يُحَلّون بعين من رآهم أي يحلى بعضهم بعين بعض . وهذا الذي نقله عن أبي الفضل قاله أبو البقاء ، وجوز في مفعول الفعل وجهاً آخر فقال : ويجوز أن يكون من حلي بعيني كذا إذا حسن ، وتكون " من " مزيدة ، أو يكون المفعول محذوفاً و " مِنْ أَسَاوِرَ " نعت له . فقد حكم عليه بالتعدي ليس إلا ، وجوز في المفعول الوجهين المذكورين . والثالث : أنه من حلي بكذا إذا ظفر به ، فيكون التقدير : يُحَلَّوْنَ بأساور ، و " من " بمعنى الباء ، ومن مجيء حلي بمعنى ظفر قولهم : لم يَحْلَ فلان بطائل أي : لم يظفر به . واعلم أن حلي بمعنى لبس الحلي أو بمعنى ظفر من مادة الياء لأنها من الحلية وأما حلي بعيني كذا ، فإنه من مادة الواو ؛ لأنه من الحلاوة ، وإنما قلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها . قوله : { مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ } . في من الأولى ثلاثة أوجه : أحدها : أنها زائدة كما تقدم تقريره عن الرازي وأبي البقاء ، وإن لم يكن من أصول البصريين . الثاني : أنها للتبعيض أي : بعض أساور . الثالث : أنها لبيان الجنس قاله ابن عطية ، وبه بدأ وفيه نظر ، إذ لم يتقدم شيء مبهم وفي " مِنْ ذَهَبٍ " لابتداء الغاية ، وهي نعت لأساور . كما تقدم . وقرأ ابن عباس " مِنْ أسور " دون ألف ولا هاء ، وهو محذوف من " أساور " كما قالوا : جندل والأصل جنادل . قال أبو حيان : وكان قياسه صرفه ، لأنه نقص بناؤه فصار كجندل لكنه قدر المحذوف موجوداً فمنعه الصرف . قال شهاب الدين : فقد جعل التنوين في جندل المقصور من جنادل تنوين صرف ، وقد نصَّ بعض النحاة على أنه تنوين عوض ، كهو في جوارٍ وغواشٍ وبابهما والأساور جمع سوار . قوله : " ولُؤْلُؤاً " قرأ نافع وعاصم بالنصب ، والباقون بالخفض . فأما النصب ففيه أربعة أوجه : أحدها : أنه منصوب بإضمار فعل تقديره : ويؤتون لؤلؤاً ، ولم يذكر الزمخشري غيره ، وكذا أبو الفتح حمله على إضمار فعل . الثاني : أنه منصوب نسقاً على موضع " مِنْ أَسَاوِرَ " وهذا كتخريجهم " وَأَرْجُلَكُم " بالنصب عطفاً على محل " برؤوسكم " ، ولأن { يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ } في قوة : يلبسون أساور ، فحمل هذا عليه . الثالث : أنه عطف على " أَسَاوِرَ " ، لأن " من " مزيدة فيها كما تقدم . الرابع : أنه معطوف على ذلك المفعول المحذوف ، التقدير يحلون فيها الملبوس من أساور ولؤلؤاً فـ " لُؤلُؤاً " عطف على الملبوس . وأما الجر فعلى وجهين : أحدهما : عطفه على " أَسَاوِر " . والثاني : عطفه على " مِنْ ذَهَب " ، ( لأنَّ السوار يتخذ من اللؤلؤ أيضاً بنظم بعضه إلى بعض . فقد منع أبو البقاء أن يعطف على " ذَهَب " ) . قال : لأنَّ السوار لا يكون من اللؤلؤ في العادة . قال شهاب الدين : بل قد يتخذ منه في العادة السوار . واختلف الناس في رسم هذه اللفظة في الإمام فنقل الأصمعي أنها في الإمام " لؤلؤ " بغير ألف بعد الواو . ونقل الجحدري أنها ثابتة في الإمام بعد الواو وهذا الخلاف بعينه قراءة وتوجيهاً جارٍ في حرف فاطر أيضاً . وقرأ أبو بكر في رواية المعلى بن منصور عنه " لؤلؤاً " بهمزة أولاً وواواً آخراً وفي رواية يحيى عنه عكس ذلك . وقرأ الفياض " ولولياً " بواو أولاً وياء آخراً ، والأصل " لؤلؤاً " أبدل الهمزتين واوين ، فبقي في آخر الاسم واو بعد ضمة ، ففعل فيها ما فعل بأدل جمع دلو بأن قلبت الواو ياء والضمة كسرة . وقرأ ابن عباس " وَليلياً " بياءين فعل ما فعل الفياض ثم أتبع الواو الأولى للثانية في القلب وقرأ طلحة " وَلُولٍ " بالجرِ عطفاً على المجرور قبله ، وقد تقدم ، والأصل وَلُولُو بواوين ثم أعل إعلال أَدْلٍ . واللؤلؤ قيل : كبار الجوهر ، وقيل : صغاره . قوله : { وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ } أي أنهم يلبسون في الجنة ثياب الإبريسم والمعنى أنه تعالى يوصلهم في الآخرة إلى ما حرمه عليهم في الدنيا . قال عليه السلام " مَنْ لَبِسَ الحَرِيرَ في الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ في الآخرة ، فإن دخل الجنة لبسه أهل الجنة ولم يلبسه " . قوله : { وَهُدُوۤاْ إِلَى ٱلطَّيِّبِ مِنَ ٱلْقَوْلِ } . يجوز أن يكون " من القول " حالاً من " الطيب " ، وأن يكون حالاً من الضمير المستكن فيه . و " من " للتبعيض أو للبيان . قال ابن عباس : الطيب من القول : شهادة أن لا إله إلا الله ، ويؤيد هذا قوله : { مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً } [ إبراهيم : 24 ] وقوله : { إِلَيْهِ يَصْعَدُ ٱلْكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ } [ فاطر : 10 ] . وهو صراط الحميد ، لقوله : { وَإِنَّكَ لَتَهْدِيۤ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } [ الشورى : 52 ] وقال ابن زيد : لا إله إلا الله والله أكبر والحمد لله وسبحان الله . وقال السدي : هو القرآن . وقال ابن عباس في رواية عطاء : هو قول أهل الجنة : { ٱلْحَـمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ } [ الزمر : 74 ] . { وَهُدُوۤاْ إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْحَمِيدِ } إلى دين الله وهو الإسلام ، و " الحميد " هو الله المحمود في أفعاله .