Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 25, Ayat: 35-36)

Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ } الآية . لما قال : { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِّنَ ٱلْمُجْرِمِينَ } [ الفرقان : 31 ] وذكر ذلك في معرض التسلية له ، ذكر جماعة من الأنبياء ، وعرفه تكذيب أممهم ، والمعنى : لست يا محمد بأول من أرسلنا فكذب ( وآتيناه الآيات فرُدّ ) : فقد آتينا موسى الكتاب ، وقوينا عضده بأخيه هارون ( ومع ذلك فقد رُدّ ) . فإن قيل : كون هارون وزيراً كالمنافي لكونه شريكاً ، بل يجب أن يقال : إنه لما صار ( شريكاً ) خرج عن كونه وزيراً . فالجواب : لا منافاة بين الصنفين ، لأنه لا يمنع أن يشركه في النبوة ويكون وزيراً ، وظهيراً ، ومعيناً له . ولا وجه لقول من قال في قوله : " فَقُلْنَا اذْهَبا " إنه خطاب لموسى عليه السلام وحده بل يجري مجرى قوله : { ٱذْهَبَآ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ } [ طه : 43 ] . قوله : " هَارونَ " بدل ، أو بيان ، أو منصوب على القطع و " وَزِيراً " مفعول ثان ، وقيل : حال ، والمفعول الثاني قوله " معه " . قال الزجاج : الوزير في اللغة الذي يرجع إليه ويعمل برأيه ، والوزر ما يعتصم به ، ومنه : { كَلاَّ لاَ وَزَرَ } [ القيامة : 11 ] أي : لا منجى ولا ملجأ . قال القاضي : ولذلك لا يوصف تعالى بأن له وزيراً . قوله : { فَقُلْنَا ٱذْهَبَآ إِلَى ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا } يعني القبط . قوله : " فَدمَّرْنَاهُمْ " . العامة على " فَدَمَّرْنَا " فعلاً ماضياً معطوفاً على محذوف ، أي : فذهب فكذبوهما " فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْميراً " أهلكناهم إهلاكاً . وقرأ عليّ - كرم الله وجهه - " فدمِّراهم " أمر لموسى وهارون ، وعنه أيضاً : " فَدَمِّرَانِّهِمْ " كذلك أيضاً ، ولكنه مؤكد بالنون الشديدة ، وعنه أيضاً : " فدمِّرا بِهِم " بزيادة باء الجر بعد فعل الأمر ، وهي تشبه القراءة قبلها في الخط ، ونقل عنه الزمخشري " فَدَمَّرْتُهم " بتاء المتكلم . فإن قيل : الفاء للتعقيب ، والإهلاك لم يحصل عقيب بعث موسى وهارون إليهم بل بعد مدة مديدة . فالجواب : فاء التعقيب محمولة هنا على الحكم بالإهلاك لا على الوقوع . وقيل : إنه تعالى أراد اختصار القصة فذكر المقصود منها أولها وآخرها ، والمراد إلزام الحجة ببعثة الرسل ، واستحقاق التدمير بتكذيبهم . واعلم أن قوله : " كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا " إن حملنا تكذيب الآيات على تكذيب الآيات الإلهية فلا إشكال ، وإن حملناه على تكذيب آيات النبوة ، فاللفظ وإن كان للماضي فالمراد به المستقبل .