Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 25, Ayat: 3-3)
Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَٱتَّخَذُواْ } يجوز أن يعود الضمير على الكفار الذين تضمنهم لفظ العالمين ، وأن يعود على من ادَّعى لله شريكاً وولداً ، لدلالة قوله : { وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي المُلْكِ } [ الفرقان : 2 ] وأن يعود على المنذرين ، لدلالة " نذيراً " عليهم . قوله : " لا يَخْلُقُونَ " صفة لـ " آلهة " ، وغلب العقلاء على غيرهم ؛ لأن الكفار كانوا يعبدون العقلاء كعزير والمسيح والملائكة وغيرهم كالكواكب والأصنام . ومعنى " لا يخلقون " لا يقدرون على التقدير ، والخلق يوصف به العباد قال زهير : @ 3860 - ولأنْتَ تَفْرِي مَا خَلَقْت وبعـ ـضُ القَوم يخلُق ثم لا يَفْرِي @@ ويقال : خلقت الأديم : أي : قدرته ، وهذا إذا أريد بالخلق التقدير ، فإن أريد به الإيجاد فلا يوصف به غير الباري - تعالى - وقد تقدم . وقيل : بمعنى يختلقون كقوله : { وتَخْلُقُون إفْكاً } [ العنكبوت : 17 ] . فصل لما وصف نفسه بصفات الجلال والعزة والعلو أردفه بتزييف مذهب عبدة الأوثان من وجوه : منها : أنها ليست خالقة للأشياء ، والإله يجب أن يكون قادراً على الخلق والإيجاد ومنها : أنها مخلوقة ، والمخلوق محتاج ، والإله يجب أن يكون غنياً . ومنها : أنها لا تملك لأنفسها ضراً ولا نفعاً ، ومن كان كذلك لا يملك موتاً ولا حياةً ولا نُشُوراً . أي : لا يقدر على الإحياء والإماتة لا في زمن التكليف ، ولا في زمن المجازاة ، ومن كان كذلك كيف يسمى إلهاً ، وكيف يستحق العبادة ؟ . فصل احتج أهل السنة بقوله : " ولا يَخْلُقُونَ شَيْئاً " على أن فعل العبد مخلوق لله تعالى لأنه عاب هؤلاء الكفار من حيث عبدوا ما لا يَخْلُق شيئاً ، وذلك يدل على أن من خلق يستحق أن يعبد ، فلو كان العبد خالقاً لكان معبوداً إلهاً . وأجاب الكعبي بأنا لا نطلق اسم الخالق إلا على الله تعالى ، ( وقال بعض أصحابنا في الخلق : إنه الإحداث لا بعلاج وفكر وتعب ولا يكون ذلك إلا لله تعالى . ثم قال : قد قال الله تعالى ) : { أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَآ } [ الأعراف : 195 ] في وصف الأصنام ، أفيدل ذلك على أن كل من له رجل يستحق أن يعبد . فإذا قالوا : لا . قيل : فكذلك ما ذكرتم ، وقد قال الله تعالى : { فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحْسَنُ ٱلْخَالِقِينَ } [ المؤمنون : 14 ] هذا كله كلام الكعبي . والجواب : قوله : لا نطلق اسم الخالق على العبد . قلنا : بل يجب ذلك ، لأن الخلق في اللغة هو التقدير ، والتقدير يرجع إلى الظن والحسبان ، فوجب أن يكون اسم الخالق حقيقة في العبد مجازاً في الله ، فكيف يمكنهم منع إطلاق لفظ الخالق على العبد ؟ . وأما قوله تعالى : { أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَآ } [ الأعراف : 195 ] فالعيب إنما وقع عليهم ، فلا جرم أن من تحقق العجز في حقه من بعض الوجوه لم يحسن عبادته . وأما قوله : { فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحْسَنُ ٱلْخَالِقِينَ } [ المؤمنون : 14 ] فتقدم الكلام عليه . واعلم أن في استدلال أهل السنة بالآية نظر ، لاحتمال أن الغيب إنما حصل بمجموع الأمرين ، وهو كونهم ليسوا بخالقين ، وكونهم مخلوقون ، والعبد وإن كان خالقاً إلا أنه مخلوق ، فلا يلزم أن يكون العبد إلهاً معبوداً . فصل دلَّت الآية على البعث ، لأنه تعالى ذكر النشور ، ومعناه : أن المعبود يجب أن يكون قادراً على إيصال الثواب إلى المطيعين ، والعقاب إلى العصاة ، فمن لا يكون كذلك يجب أن لا يصلح للإلهية .