Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 26, Ayat: 12-17)
Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { قَالَ رَبِّ إِنِّيۤ أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ } لما أمر موسى - عليه السلام - بالذهاب إلى قوم فرعون طلب موسى - عليه السلام - أن يبعث معه هارون - عليه السلام - ثم ذكر الأمور الداعية إلى ذلك السؤال . فقوله : " أَنْ يُكَذِّبُونِ " مفعول " أَخَافُ " أي : أخاف تكذيبهم إياي . قوله : { وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلاَ يَنطَلِقُ } الجمهور على الرفع ، وفيه وجهان : أحدهما : أنه مستأنف ، أخبر بذلك . والثاني : أنه معطوف على خبر " إِنَّ " وقرأ زيدُ بن عليّ ، وطلحة ، وعيسى ، والأعمش بالنصب فيهما . والأعرج بنصب الأول ورفع الثاني . فالنصب عطف على صلة " أَنْ " فتكون الأفعال الثلاثة : " يُكَذَّبُونِ " وَ " يَضِيقُ " ، وَ " لاَ يَنْطَلِقُ " داخلة في حيِّز الخوف . قال الزمخشري : " والفرق بينهما ، أي : الرفع والنصب ، أَنَّ الرفع يفيد أن فيه ثلاث عللٍ : خوفُ التكذيب ، وضيق الصدر ، وامتناع انطلاق اللسان ، والنصبُ على أنَّ خوفه متعلق بهذه الثلاثة . فإن قلت : في النصب تعليق الخوف بالأمور الثلاثة ، وفي جُمْلَتِهَا نَفْيُ انطلاق اللسان ، وحقيقه الخوف إِنَّما يلحق الإنسان لأمر سيقع ، وذلك كان واقعاً ، فكيف جاز تعليق الخوف به ؟ قلت : قد عَلَّقَ الخوف بتكذيبهم ، وبما يحصل له من ضيق الصدر ، والحُبْسَة في اللسان زائدة على ما كان به ، على أن تلك الحُبْسَة له من ضيق الصدر ، والحُبْسَة في اللسان زائدة على ما كان به ، على أن تلك الحُبْسَة التي كانت به زالت بدعوته . وقيل : بقيتْ منها بقيَّة يسيرة . فإن قلت : اعتذارك هذا يردّه الرفع ، لأنّ المعنى : إِنِّي خائفٌ ضيِّقُ الصدرِ غيرُ مُنْطَلِق اللسان ؟ قلت : يجوز أن يكون هذا قبل الدعوة واستجابتها ويجوز أن يريد القدر اليسير الذي بقي " . قوله : " فَأَرْسِلْ " أي : فأرسل جبريلَ أو الملكَ ، فحذف المفعول به ، أي : ليؤازرني ويظاهرني على تبليغ الرسالة . قيل : إن الله تعالى أرسل موسى . قال السُّدِّيّ : إن موسى - عليه السلام - سار بأهله إلى مصر ، والتقى بهارون وهو لا يعرفه ، فقال : أنا موسى ، فتعارفا ، وأمره أن ينطلق معه إلى فرعون لأداء الرسالة . وقيل : أرسل جبريل إليه كما يرسل إلى الأنبياء - عليه السلام - فلما كان متعيناً لهذا الأمر حذف ذكر المرسل لكونه معلوماً . قوله : { وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنبٌ } . أي : دعوى ذنب ، وهو قتله للقبطي ، أي : لهم عليَّ ذنب في زعمهم { فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ } أي : يقتلونني ، فقال الله تعالى : " كَلاَّ " أي : لن يقتلوك . قوله : " فَاذْهَبَا " عطف على ما دل عليه حرف الردع من الفعل ، كأنه قيل : ارتدع عما تظن فاذهب أنت وأخوك { بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ } سامعون ما تقولون قال : " مَعكُمْ " بلفظ الجمع ، وهما اثنان ، أجراهما مجرى الجماعة . وقيل : أراد معكما ومع بني إسرائيل نسمع ما يجيبكم فرعون ، { فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولاۤ إِنَّا رَسُولُ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } إنما أفرد " رَسُول " إمَّا لأنه مصدر بمعنى : رسالة والمصدر يُوَحَّدُ ، ومن مجيء " رَسُول " بمعنى رسالة قوله : @ 3897 - لَقَدْ كَذَبَ الوَاشُونَ مَا فُهْتُ عِنْدَهُمْ بِسِرٍّ وَلاَ أَرْسَلْتُهُمْ بِرَسُولِ @@ أي برسالة . وإما لأنهما ذَوَا شريعة واحدة فنُزِّلا منزلة رسول . وإما لأن المعنى : كل واحد منا رسول . وإما لأنه من وضع الواحد موضع التثنية لتلازمهما ، فصارا كالشيئين المتلازمين ، كالعينين واليدين . وحيث لم يقصد هذه المعاني طابق في قوله : { أَنَاْ رَسُولُ رَبِّكِ } [ طه : 47 ] . وقال أبو عبيد : يجوز أن يكون " الرسول " بمعنى الاثنين والجمع ، تقول العرب : هذا رسولي ووكيلي ، [ وهذان رسولي ووكيلي ] ، وهؤلاء رسولي ووكيلي ، كما قال : { وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ } [ الكهف : 50 ] . قوله : " أَنْ أَرْسِلْ " . يجوز أن تكون مفسِّرة لـ " رَسولُ " إذا قيل : بأنه بمعنى الرسالة ، شرحا الرسالة بهذا وبيَّناها به . ويجوز أن تكون المصدرية ، أي : رسول بكذا ، والمراد من هذا الإرسال : التخلية والإرسال : كقولك : أرسل البازي .