Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 26, Ayat: 221-223)
Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { هَلْ أُنَبِّئُكُمْ } الآية . أعاد الشبهة المتقدمة وأجاب عنها من وجهين : الأول : قوله : { تَنَزَّلُ عَلَىٰ كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ } كما تقدم من أنَّ الكفار يدعون إلى طاعة الشيطان ، ومحمد يدعو إلى لعن الشيطان والبراءة منه . والثاني : قوله : { يُلْقُونَ ٱلسَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ } ومعناه : أنهم كانوا يقيسون حال النبي - صلى الله عليه وسلم - على حال الكهنة ( فكأنه قيل : إن كان الأمر على ما ذكرتم فكما أن الغالب على سائر الكهنة الكذب ، فيجب أن تكون حال الرسول كذلك ، فلما لم يظهر في إخبار الرسول عن المغيبات إلا الصدق علمنا أنَّ حاله بخلاف حال الكهنة ) . قوله : " عَلَى مَنْ " متعلق بـ " تَنَزَّلُ " بعده . وإنما قُدِّم ، لأَنَّ له صدر الكلام ، وهو مُعلقٌ لما قبله من فِعْل التَّنْبِئَة ، لأنها بمعنى العلم . ويجوز أن تكون هنا متعدية لاثنين ، فتسد الجملة المشتملةُ على الاستفهام مسدّ الثاني ، لأنَّ الأول ضمير المخاطبين . وأن تكون متعديةً لثلاثة فتسد مسدّ اثنين . وقرأ البَزِّيُّ : { عَلَى مَنْ تَّنزَّلُ الشَّيَاطِينُ تَّنَزَّلُ } بتشديد التاء من " تنزل " في الموضعين والأصل : " تَتَنَزَّل " بتاءين فأدغم ، والإدغام في الثاني سهل ، لتحرك ما قبل المدغم ، وفي الأول صُعُوبةٌ لسكون ما قبله وهو نُونُ " مَنْ " . وتقدم تحقيق هذا في البقرة عند قوله : { وَلاَ تَيَمَّمُواْ ٱلْخَبِيثَ } [ البقرة : 267 ] . قوله : " يُلْقُونَ " . يجوز أن يعود الضمير على " الشَّيَاطِين " فيجوز أن تكون الجملة " يُلْقُونَ " حالاً ، وأن تكون مستأنفة . ومعنى إلقائهم السمعَ : إنصاتهم إلى الملأ الأعلى لِيَسْتَرِقُوا شيئاً ، أو يلقون الشيء المسموع إلى الكهنة . ويجوز أن يعود على { كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ } من حيث إنه جمعٌ في المعنى , فتكون الجملة إما مستأنفة ، وأما صفة لـ " كُلِّ أَفَّاكٍ " . ومعنى الإلقاء ما تقدم . وقال أبو حيان : حال عود الضمير على " الشَّيَاطين " ، وبعد ما ذكر المعنيين المتقدمين في إلقاء السمع قال : فعلى معنى الإنصات يكون " يُلْقُونَ " استئناف إخبارٍ ، وعلى إلقاء المسموع إلى الكهنة يحتمل الاستئناف ، واحتمل الحال من " الشَّيَاطِينَ " أي : تَنزَّلُ على كُلِّ أفَّاكٍ أثِيمٍ مُلْقِينَ ما سَمِعُوا . انتهى . وفي تخصيصه الاستئناف بالمعنى الأول وتجويزه الوجهين في المعنى الثاني نظرٌ ، لأنَّ جواز الوجهين جارٍ في المعنيين فيحتاج في ذلك إلى دليل ، فإن قيل : كيف قال : { وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ } بعد ما حكم عليهم أنَّ كل واحد منهم أفّاك ؟ فالجواب : أنَّ الأَفاكين هم الذين يكثرون الكذب ، لا أنهم الذين لا ينطقون إلا بالكذب ، فأراد أن هؤلاء الأفاكين قلّ من يصدق منهم فيما يحكي عن الجني ، وأكثرهم يفتري عليه .