Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 26, Ayat: 49-51)
Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { قَالَ ءَامَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ } الآيات . لما آمنوا بأجمعهم لم يأمن فرعون أن يقول قومه : إن هؤلاء السحرة على كثرتهم وبصيرتهم لم يؤمنوا إلا عن معرفة بصحة أمر موسى - عليه السلام - فيسلكون طريقهم ، فلبَّس على القوم وبالغ في التنفير عن موسى من وجوه : أحدها : قوله : { قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ } . والمعنى : إن مسارعتكم إلى الإيمان به دالة على ميلكم إليه فتطرَّق التهمة إليهم فلعلهم قصروا في السحر حياله . وثانيها : قوله : { إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ ٱلَّذِي عَلَّمَكُمُ ٱلسِّحْرَ } هذا تصريح بما رمز به أولاً ، وتعريض منه بأنهم فعلوا ذلك عن مواطأة بينهم وبين موسى ، وقصروا في السحر ليظهروا أمر موسى ، وإلا ففي قوة السحر أن يفعلوا مثل ما فعل ، وهذا شبهة قوية في تنفير من قَبِلَ . وثالثها : قوله : " فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ " وهو وعيد وتهديد شديد . ورابعها : قوله : { لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِّنْ خِلاَفٍ وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِين } وهذا الوعيد المفصل ، وليس في الإهلاك أقوى منه ، ثم إنهم أجابوا عن هذه الكلمات من وجهين : الأول : قوله : { لاَ ضَيْرَ إِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ } والضير والمضرّة واحد ، وليس المراد أن ذلك وقع ، وإنما عنوا بالإضافة إلى ما عرفوه من دار الجزاء . والجواب الثاني : قوله : { إِنَّا نَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَآ } وهو إشارة منهم إلى الكفر والسحر وغيرهما . والطمع في هذا الموضع يحتمل اليقين ، كقول إبراهيم - عليه السلام - : " وَالَّذِي أَطْمَعُ " . ويحتمل الظن ، لأن المرء لا يعلم ما سيختاره من بعد . قوله : " أَنْ كُنَّا " . قرأ العامة بفتح " أَنْ " أي : لأن كُنَّا بينوا القول بالإيمان وقرأ أبان بن تغلب وأبو معاذ بكسر الهمزة ، وفيه وجهان : أحدهما : أنها شرطية ، والجواب محذوف لفهم المعنى ، أو متقدم عند من يجيزه . نظيره قول القائل : " إنْ كُنْتُ عملتُ فوفِّنِي حَقِّي " مقولة لمن يؤخر جعله . والثاني : أنها المخففة من الثقيلة ، واستغني عن اللام الفارقة لإرشاد المعنى إلى الثبوت دون النص كقوله : @ 3902 - وَإِنْ مَالِـكٌ كَانَـتْ كِـرَامٌ المَعَـادِنِ @@ وفي الحديث : " إن كان رسول ( الله - صلى الله عليه وسلم ) - يحبُّ العسل " أي : ليحبُّه . والمعنى على الأول : لأن كنا أول المؤمنين ، من الجماعة الذين حضروا ذلك الموقف ، أو يكون المراد : من السحرة خاصة ، أو من رعية فرعون ، أو من أهل زمانهم .