Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 28, Ayat: 10-11)

Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَىٰ فَارِغاً } ( قال الحسن : فَارِغاً ) من كل همٍّ إِلاَّ همَّ موسى . وقال أبو مسلم : فراغ الفؤاد هو الخوف والإشغاف ، كقوله : { وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَآءٌ } [ إبراهيم : 43 ] . وقال الزمخشري : فارغاً صفراً من العقل ، والمعنى أنها حين سمعت بوقوعه في يد فرعون طار عقلها من فرط الجزع والخوف . وقال الحسن ومحمد بن إسحاق فارغاً من الوحي الذي أوحينا إليها أن { فَأَلْقِيهِ فِي ٱليَمِّ وَلاَ تَخَافِي وَلاَ تَحْزَنِيۤ إِنَّا رَآدُّوهُ إِلَيْكِ } [ القصص : 7 ] فجاءها الشيطان وقال لها : كرهت أن يقتل فرعون ولدك فيكون لك أجراً وثواباً ، وتوليت أنتِ قتله ، فألقيته في البحر ، وأغرقتيه ، ولمَّا أتاها خبر موسى أنه وقع في يد فرعون فأنساها عظيم البلاء ما كان من عهد الله إليها . وقال أبو عبيدة : فراغاً من الحزن لعلمها بأنه لا يقتل ، اعتماداً على تكفل الله بمصلحته . قال ابن قتيبة : وهذا من العجائب ، كيف يكون فؤادها فارغاً من الحزن ، والله تعالى يقول : { لَوْلاۤ أَن رَّبَطْنَا عَلَىٰ قَلْبِهَا } ؟ وهل يُرْبَط إلا على قلب الجازع المحزون ؟ ويمكن أن يجاب عنه بأنه لا يمتنع أنها لشدة ثقتها بوعد الله جاز عندها إظهار عدم الحزن ، وأيقنت إنها - وإن أظهرت ذلك - فإنه يسلم لأجل ذلك الوعد . إلا أنه كان في المعلوم أن الإظهار ( يضر فربط ) الله على قلبها . قال المعربون : " فارغاً " خبر أصبح أي : فارغاً من العقل ، أو من الصبر ، أو من الحزن ، وهو أبعدها ، ويردُّه قراءاتٌ تُخَالفُه . فقرأ فضالة والحسن " فَزِعاً " بالزاي من الفزع ، وابن عباس " قَرِعاً " بالقاف وكسر الراء وسكونها ، من قَرَعَ رأسهُ إذا انحسر شعرُهُ ، ( والمعنى : خلا من كُلِّ شيء ، وانحَسَرَ عنهُ كُلُّ شَيءٍ إلا ذِكر موسى ، وقيل : الساكن الراء مصدر قَرَعَ يَقْرَع ، أي : أُصيب ، وقرىء " فِرغاً " بكسر الفاء وسكون الراء ، والغين معجمة أي : هدراً ، كقوله ) : @ 3975 - فَإِنْ يَكُ قَتْلَى قَدْ أُصِيبَتْ نُفُوسُهُمْ فَلَنْ يَذْهَبُوا فِرْغاً بِقَتْلِ حِبَالِ @@ فِرْغاً حال من " بِقَتْلِ " ، وقرأ الخليل " فُرُغاً " بضم الفاء وإعجام الغين من هذا المعنى ، ومنه قولهم دماهم بينهم فرغ أي : هدر . قوله : { إِن كَادَتْ لَتُبْدِي } " إِنْ " إما مخففة ، وإما نافية ، واللام إمَّا فارقة وإمَّا بمعنى إلاَّ والباء في " بِهِ ( مزيدة في المفعول ، أي : لتُظْهِرَهُ ، وقيل : ليست زائدة بل سببية ، والمفعول محذوف ، أي : لتُبْدِي القَولَ بسبب موسى أو بسبب الوحي . فالهاء يجوز أن تكون ) راجعة إلى موسى ، أي : إن كادت لتبدي به أنه ابنها من شدة وجدها : وقال عكرمة عن ابن عباس : كادت تقول : واابناه حين رأت الموج يرفع التابوت ويضعه . وقال الكلبي : كادت تظهر أنه ابنها حين سمعت الناس يقولون : إنه ابن فرعون . وقال السدي : لما أُخِذ من الماء كادت تقول : هو ابني ، فعصهما الله . وقال بعضهم : الهاء عائدة إلى الوحي ، أي كادت تبدي بالوحي الذي أوحى الله إليها أنه يرُدُّهُ عليها . قوله : { لَوْلاۤ أَن رَّبَطْنَا } جوابها محذوف ، أي لأبدت ، كقوله : { وَهَمَّ بِهَا لَوْلاۤ أَن رَّءَا بُرْهَانَ رَبِّهِ } [ يوسف : 24 ] والمعنى : لولا أن ربطنا على قلبها بالعصمة والصبر والتثبت . { لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ } متعلق بـ " رَبَطْنَا " ، والمعنى : لتكون من المؤمنين المصدِّقين بوعد الله ، وهو قوله : { إِنَّا رَآدُّوهُ إِلَيْكِ } [ القصص : 7 ] . قوله : { وَقَالَتْ لأُخْتِهِ قُصِّيهِ } أي : قُصِّي أثر موسى ، تتبَّعي أمره حتى تعلمي خبره : وكانت أخته لأبيه وأمه واسمها مريم . قال " فَبَصُرَتْ بِهِ " أي : أبصرتهُ ، وقرأ قتادة " بَصَرَتْ " بفتح الصاد وعيسى بكسرها . قال المبرد : أبصرته وبصرت به بمعنى ، وتقدم معناه في طه . و " عَنْ جُنُبٍ " في موضع الحال إمَّا من الفاعل أي : بصرت به مُسْتَخفيةً كائنةً عن جُنُبٍ ، وإمَّا من المجرور أي : بعيداً منها . وقرأ العامة " جُنُبٍ " بضمين وهو صفة لمحذوف ، أي : عن مكان بعيد ، وقال أبو عمرو بن العلاء : أي : عن شوقٍ ، وهي لغة جُذَامٍ ، يقولون : جَنَبْتُ إليك أي : اشتقت . ( وقرأ قتادة والحسن والأعرج وزيد بن علي بفتح الجيم وسكون النون ) ، وعن قتادة أيضاً بفتحهما ، وعن الحسن " جُنْب " بالضم والسكون ، وعن النعمان بن سالم " عَنْ جَانِبٍ " وكلها بمعنى واحد . ومثله الجِنَاب والجَنَابَة . { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } جملة حالية ، ومتعلق الشعور محذوف أي : أنها تَقُصُّه ، أو أنه سيكُونَ لهم عدواً وحزناً ، أو أنها أخته ، أو أنها ترقبه .