Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 12-13)
Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ ٱلْمَرَاضِعَ } قيل : يجوز أن يكون جمع مُرْضِع وهي المرأة ، وقيل : جمع مَرْضَع بفتح الميم والضاد ، ثم جَوَّزوا فيه أن يكون مكاناً أي : مكان الإِرضاع وهو الثَّدي وأن يكون مصدراً أي : الإرْضَاعاتُ ، أن : أنواعها ، و " مِنْ قَبْلُ " أي : من قبل قصِّهَا أَثرهُ ، أو من قبل مجيء أخته ، ومن قبل ولادته في حكمنا وقضائنا . والمراد من التحريم المنع ، لأن التحريم بالنهي تعبّد وذلك لا يصح ، فلا بُدَّ من فِعْل سواه ، فيحتمل أن - تعالى - غيَّر طبعه عن لبن سائر النساء ، فلذلك لم يرتضع أو أحدث في لبنهن طعماً ينفر عنه طبعه ، أو وضع في لبن أمه لذة تعود بها ، فكان يكره لبن غيرها . فصل قال ابن عباس : إن امرأة فرعون كان همَّها من الدنيا أن تجد له مرضعة ، فكل ما أتوه بمرضعة لم يأخذ ثديها ؛ فذلك قوله عزَّ وجلَّ { وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ ٱلْمَرَاضِعَ } ، فلمَّا رأت أخت موسى التي أرسلتها أمّه في طلبه ذلك { فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ } أي : يرضعونه لكم ويضمنونه ، وهي امرأة قد قُتِلَ ولدها فأحبُّ شيءٍ إليها أن تجد صغيراً ترضعه . قوله : { وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ } الظاهر أنه ضمير موسى ، وقيل لفرعون ، قال ابن جُريج والسُّديّ : لما قالت أخت موسى { وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ } استنكروا حالها وتفرّسوا أنها قرابتُه ، فقالت : إنَّمَا أَرَدْتُ وهم للملك ناصِحُونَ ، فتخلَّصَت منهم ، وهذا يُسمى عند أهل البيان الكلام الموجَّه ومثله : لما سُئِل بعضهم وكان بين أقوام بعضهم يحب عليّاً دون غيره ، وبعضهم أبا بكر وبعضهم عمر وبعضهم عثمان ، فقيل له : أيهم أحبّ إلى رسول الله ؟ فقال : من كانت ابنته تحته . وقيل لما تفرّسوا أنه قرابتُهُ قالت : إنما قلت هذا رغبة في سرور الملك , واتصالنا به . وقيل : إنها لما قالت : { هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ أَهْلِ بَيْتٍ } , قالوا لها : مَنْ ؟ قالت : أمي . قالوا : ولأمك ابن ؟ قالت : نعم ، هارون ، وكان هارون ولد في سنة لا يقتل فيها . قالوا : صدقت ، فائتينا بها ، فانطلقت إلى أمه فأخبرتها بحال ابنها ، وجاءت بها إليهم ، فلما وجد الصبي ريح أمه قبل ثديها وجعل يمصّه حتى امتلأ جنباه ريّاً . والنصح : إخلاص العمل من سائر الفساد . قوله : { فَرَدَدْنَاهُ إِلَىٰ أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا } بردِّ موسى إليها ، " وَلاَ تَحْزَنَ " عطف على " تَقَرَّ " ، ودمعةُ الفرح قارّةٌ ، ودمعةُ التَّرَح حارَّةٌ ، قال أبو تمام : @ 3976 - فَأَمَّا عُيُونُ العَاشِقِينَ فَأَسْخَنَتْ وَأَمَّا عُيُونُ الشَّامِتِينَ فَقَرَّتِ @@ وتقدم تحقيق هذا في مريم . { وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ } بردّه إليها وكانت عالمة بذلك ولكن ليس المخبَر كالمعاين فتحققت بوجود الموعود ، { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } أن الله وعدها ردّه إليها . قال الضحاك : لمّا قَبلَ ثديها قال هامان : إنك لأمه ، قالت : لا ، قال : فما بالك قبل ثديك من بين النسوة ؟ قالت : أيها الملك ، إني أمرأة طيبة الريح ، حلوة اللبن ، فما شم ريحي صبيّ إلا أقبل على ثديي . قالوا : صدقت . فلم يبق أحد من آل فرعون إلا أهدى إليها أتحفها بالذهب والجواهر .