Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 18-21)
Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { فَأَصْبَحَ فِي ٱلْمَدِينَةِ } التي قتل فيها القبطي " خَائِفاً " الظاهر أنه خبر " أصبح " ، و " فِي المَدِينَةِ " مفعول به ، ويجوز أن يكون حالاً ، والخبر " فِي المَدِينَةِ " ، ويضعف تمام " أَصْبَحَ " أي : دخل في الصباح . قوله : " يَتَرَقَّبُ " يجوز أن يكون خبراً ثانياً ، وأن يكون حالاً ثانيةً ، وأن يكون بدلاً من الحال ( الأولى ) ، أو الخبر الأول ، أو حالاً من الضمير في " خَائفاً " فتكون متداخلة ، ومفعول " يَتَرَقَّبُ " محذوف ، أي : يترقب المكروه ، أو الفرج ، أو الخبر : هل وصل لفرعون أم لا ؟ قوله : " فَإِذَا الَّذِي " " إِذَا " فجائية ، و " الَّذِي " مبتدأ وخبره إمَّا " إذَا " فـ " يَسْتَصْرِخُهُ " حال ، وإمَّا " يَسْتَصْرِخُهُ " فـ " إِذَا " فضله على بابها ، و " بِالأَمْسِ " معرب ، لأنه متى دخلت عليه " ال " أو أضيف أعرب ، ومتى عَرِيَ منها فحاله معروفٌ ، الحجاز يبنونه ، والتميميون يمنعونه الصرف ، كقوله : @ 3981 - لَقَدْ رَأَيْتُ عَجَباً مُذْ أَمْسَا @@ على أنه قد بُنِيَ مع " ال " ندوراً ، كقوله : @ 3982 - وَإِنِّي حُبِسْتُ اليَوْمَ والأَمْسِ قَبْلَهُ إِلَى الشَّمْسِ حَتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ تَغْرُبُ @@ يروى بكسر السين . قوله : { قَالَ لَهُ مُوسَىٰ } الضمير قيل للإسرائيلي ، لأنه كان سبباً في الفتنة الأولى ، وقيل للقبطي ، وذلك أنَّ موسى لما أصبح خائفاً من قتل القبطي " يَتَرَقَّب " ينتظر سوءاً ، والترقب انتظار المكروه . قال الكلبي : ينتظر متى يؤخذ به ، { فَإِذَا ٱلَّذِي ٱسْتَنْصَرَهُ بِٱلأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ } يستغيثه ويصيح به من بعد ، قال ابن عباس : أتى فرعون فقيل له : إنَّ بني إسرائيل قتلوا مِنَّا رجلاً فخذ لنا بحقنا ، فقالوا ابغوا لي قاتله ومن يشهد عليه ( فلا تنسبوني أن أقضي ) بغير بينة ، فبينما هم يطوفون لا يجدون بيّنة إذ مَرَّ مُوسَى من الغد ، فرأى ذلك الإسرائيلي يقاتل فرعونياً ، فاستغاثه على الفرعوني ، فصادف موسى وقد ندم على ما كان منه بالأمس من قتل القبطي ، فقال موسى للإسرائيلي : { إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ } ( أي : ظاهر الغواية ) . قال أهل اللغة : " لَغَوِيٌّ " يجوز أن يكون فَعِيلاً بمعنى مفعل ، أي : إنَّك لمغويّ ، فإنِّي وقعتُ بالأمس فيما وقعت فيه بسببك ، ويجوز أن يكون بمعنى الغاوي : قاتلت رجلاً بالأمس فقتلته بسببك ، وتقاتل اليوم آخر ، وتستغيثني عليه ، وقيل : إنما قال موسى للفرعوني : { إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ } بظلمك ، والأكثرون على الأول . قوله : { فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ } الظاهر أنَّ الضميرين لموسى ، وقيل للإسرائيلي ، والعدو : هو القبطي ، والضمير في { قَالَ يٰمُوسَىٰ } للإسرائيلي ، كأنه توهم من موسى مخاشنة ، فَمِنْ ثمَّ قال ذلك ، وبهذا فشا خبره وكان مشكوكاً في قاتله . و " أَنْ " تطرد زيادتها في موضعين : أحدهما : بعد لمَّا كهذه . والثاني : قبل " لَوْ " مسبوقة بقسم كقوله : @ 3983 - أَمَـا وَالـلَّـهِ أَنْ لَـوْ كُنْـتُ حُـراً 3983 م - فَأُقُسِمُ أَنْ لَوْ التَقَيْنَا وَأَنْتُمُ لَكَانَ لَكُمْ يَوْمٌ مِنَ الشَّرِّ مُظْلِم @@ والعامة على " يَبْطِش " بالكسر ، وضمَّها أبو جعفر ، وقيل : إن القائل " يَا مُوسَى " هو القبطي ، وكان قد عرف القصة من الإسرائيلي . قال ابن الخطيب : وهذا هو الظاهر ، لقوله : { فَلَمَّآ أَنْ أَرَادَ أَن يَبْطِشَ بِٱلَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَّهُمَا قَالَ يَٰمُوسَىٰ } ، فهذا القول منه لا من غيره ، وأيضاً قوله : { إِن تُرِيدُ إِلاَّ أَن تَكُونَ جَبَّاراً فِي ٱلأَرْضِ } لا يليق إلا بقول الكافر ، والجبار : هو الذي يفعل ما يريده من الضرب والقتل بظلم ، ولا ينظر في العواقب ، وقيل : المتعظم ، { وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ ٱلْمُصْلِحِينَ } ، قال المفسرون : فلما سمع القبطي قول الإسرائيلي علم أَنَّ موسى هو الذي قتل ذلك الفرعوني : فانطلق إلى فرعون فأخبره بذلك ، وأمر فرعون بقتل موسى . قال ابن عباس : أرسل فرعون الذباحين لقتل موسى فأخذوا الطريق الأعظم . قوله : { وَجَآءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى ٱلْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ } ، أي : من آخر المدينة اسمه : حزقيل مؤمن آل فرعون ، وقيل اسمه شمعون ، وقيل : ( شمعان ) : " يَسْعَى " قال الزمخشري : " يَسْعَى " يجوز ارتفاعه وصفاً لـ " رَجُلٌ " وانتصابه حالاً عنه ، لأنه قد تخصص بالوصف بقوله : { مِّنْ أَقْصَى ٱلْمَدِينَةِ } ، فإن جعلت " مِنْ أَقْصَى " متعلقاً بـ " جَاءَ " فـ " يَسْعَى " صفة ليس إلا . وهذا بناء منه على مذهب الجمهور ، وقد تقدَّم أَنَّ سيبويه يجيز ذلك من غير شَرْط . وفي آية يس قدَّمَ " مِنْ أَقْصَى " على " رَجُل " ، لأنه لم يكن من أقصاها وإنما جاء منها وهنا وصفه بأنه من أقصاها ، وهما رجلان مختلفان وقضيتان متباينتان . ( قوله ) " يَأْتَمِرُونَ " أي : يتآمرون بمعنى يتشاورون ، كقول النمر بن تولب : @ 3984 - أَرَى النَّاسَ قَدْ أَحْدَثُوا شبهَةً وَفِي كُلِّ حَادِثَةٍ مُؤْتَمَرْ @@ وعن ابن قتيبة : يأمر بعضهم بعضاً . أخذه من قوله تعالى : { وَأْتَمِرُواْ بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ } [ الطلاق : 6 ] . ( قوله ) " فَاخْرُجْ " أي : من المدينة ، { إِنِّي لَكَ مِنَ ٱلنَّاصِحِينَ } في الأمر بالخروج ، فقوله " لَكَ " ، يجوز أن يتعلق بما يدلُّ " النَّاصِحِينَ " عليه ، أي ؛ ناصحٌ لك من الناصحين ، أو بنفس " النَّاصِحِينَ " للاتساع في الظرف ، أو على جهة البيان أي : أعني لك . " فَخَرَجَ مِنْهَا " موسى " خَائِفاً يَتَرَقَّبُ " هِدَايَتَهُ وغَوْثَ الله إيَّاهُ ، { قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } أي ؛ الكافرين وهذا يدلُّ على أن قتله لذلك القبطي لم يكن ذنباً وإلا لكان هو الظالم لهم ، وما كانوا ظالمين له بسبب طلبهم له ليقتلوه قصاصاً .