Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 103-103)

Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أي : وإذا فَرَغْتُم ، قضيتم صلاة الخوف أي : فرغتم من الصَّلاة ، وهذا يَدُلُّ على أن القَضَاء ، يستَعْمَلُ فيما فُعِلَ في وَقْتِهِ ، ومنه قوله : [ - تعالى - ] : { فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَّنَاسِكَكُمْ } [ البقرة : 200 ] ، ثم قال : { فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ } أي : صَلُّوا للَّه " قياماً " في حال الصِّحَّة و " قُعُوداً " في حال المَرَضِ " وعلى جُنُوبِكُم " عند الجروح والزِّمَانَة ، وقيل : قِيَاماً : حال المسايفة ، وقعوداً : حال اشتِغَالكُم بالرَّمي وعلى جُنُوبكم : حالٌ سُقُوطكم على الأرْض مَجْروحين فقوله " قِياماً [ وقعودا ] " حالان من فَاعِل " اذكُرُوا " وكذلك " وعلى جُنُوبِكُم " فإنه في قُوَّة : مُضطَجِعِين ؛ فيتعلَّق بِمَحْذُوفٍ . " فإذا أطْمَأنَنْتُم " أي : أمِنْتُم ، فالطُّمأنينة : سكُون النَّفس من الخَوْفِ حين تضع الحَرْبُ أوزارها ، " فأقِيموا الصَّلاة " أي : أتمُّوها بأرْكَانِها وقد تقدَّم الكَلاَم في البَقرة [ آية : 260 ] على قوله اطمأننتم ، وهل هيَ مَقْلُوبَةٌ أمْ لا ؟ وصرح أبو البَقَاءِ هنا بأنَّ الهَمْزَة أصْلٌ وأنَّ وَزْن الطُّمأنينة : فُعَلَّيلية ، وأن " طَأمَن " أصل أخَرَ برأسه ، وهذا مَذْهَبُ الجَرْمِي . واعلم أنَّه قد تَقَدَّم حُكْمان : أحدهما : قَصْر صلاة المُسَافِر . والثَّاني : صَلاة الخَوْفِ ؛ فقوله : { فَإِذَا ٱطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ } [ يحتمل أنكُم إذا صِرْتم مقمين غير مُسَافِرين من الاطْمئْنَان فأقيمُوا الصَّلاة ] أي : أتمُّوها أرْبَعاً ، ويحتمل أن يَكُونَ المُراد من الاطْمِئْنَان ألاَّ يَبْقَى الإنْسَان مضْطَرب القَلْب ، بل يَصِير سَاكِن القَلْبِ ؛ بسبب زَوَالِ الخَوْفِ ، فعلى هذا فالمراد بإقامَة الصَّلاة : فعلها في حَالَةِ الأمْن . ثم قال { إِنَّ ٱلصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً } أي : فَرْضاً موقوتاً ، قال مُجَاهِد : وَقَّتَه الله عَلَيْهم ، وقيل : واجِباً مَفْروضاً مقدراً في الحَضَر أرْبَعِ رَكَعَاتٍ ، وفي السَّفَر ركْعَتَيْن ، والمراد بالكتاب هَهُنَا : المكْتُوب ؛ كأنه قيل : مكْتُوبَة مؤقتة و " مَوْقُوتاً " : صِفَة لـ " كتاباً " بمعنى : مَحْدُوداً بأوقات ، فهو مِن : وَقَتَ مُخَفَّفاً ؛ كَمضروبٍ من ضَرَبَ ، ولم يَقُل : " مَوْقُوتَة " بالتَّاء مُرَاعاة لـ " كتاب " فإنَّه في الأصْل مَصْدَر ، والمَصْدَر مُذَكَّر ، ومَعْنَى الموْقُوت : أنَّها كُتِبَت عَلَيْهِم في أوْقَات مؤقتة ، يقال : وقَّته وَوَقَتَه مخففاً ، وقُرِئ : { وَإِذَا ٱلرُّسُلُ وُقِّتَتْ } [ المرسلات : 11 ] بالتَّخْفِيفِ . فصل دلَّت هذه الآيَة على أنَّ وُجُوب الصَّلَوَاتِ مقدَّر بأوْقَاتٍ مَخْصُوصَةٍ ، إلاَّ أنَّه - تعالى - أجْمَل الأوْقَات هَهُنَا وبَيَّنَها في مَوَاضِع أخر ، وهي خَمْسَة . أحدُها : قوله [ - تعالى - ] { حَافِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَاتِ وٱلصَّلاَةِ ٱلْوُسْطَىٰ } [ البقرة : 238 ] فقوله : " الصَّلَوَات " يدل على ثَلاثِ صَلَوَاتٍ ، وقوله : " [ و ] الصَّلاة الوُسْطَى " يَمْنَع أن يَكُون أحد تِلْكَ الثَّلاث ، وإلا يَلْزَم التِّكْرَار ، فلا بُدَّ وأن تَكُون زَائِدَة على الثَّلاث ولا يُمْكِن أن يكونُ الوَاجِبُ أرْبَعَة ؛ لعدم حُصُول الوُسْطَى فِيهَا ، فلا بُدَّ من جَعْلِها خمْسَةً ؛ لتحصل الوُسْطَى ، وكما دَلَّت هَذِهِ الآيَة على وُجُوب خمس صلواتٍ ، دلت على عَدَمِ وجُوبِ الوتْر ، وإلا لَصَارَت الصَّلَواتُ الوَاجِبَة سِتَّة ، وحينئذٍ لا تَحْصُل الوُسْطى ، فهذه الآية دَلَّت على وُجُوب الصَّلَواتِ ، لا على بَيَانِ الأوْقَاتِ ، وأما الآيَات الأرْبَع البَاقِيَة ، فَمَذْكُورة [ في البقرة ] عند قوله : { حَافِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَاتِ } [ البقرة : 238 ] .