Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 144-144)
Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لما ذَمَّ المُنَافِقِين بأنَّهُم لم يَسْتقِرُّوا مع أحَد الطَّريقَين ، نَهَى المُسْلِمِين أن يَفْعَلُوا فِعْل المُنَافِقِين ؛ فقال : { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين } والسبب فيه : " أن الأنْصَار بالمدينَةِ كانت لَهُمْ [ في قُرَيْظَة ] رِضَاع وحِلْفٌ ومَوَدَّة ، فقالُوا : يا رسول الله ، مَنْ نَتَولَّى ؟ فقال : " المُهَاجِرِين " " ، فَنَزَلَتْ هذه الآية . وقال القَفَّال - رحمه الله تعالى - : هذا نَهْيٌ للمُسلِمِين عن مُوالاةِ المُنافِقِين ، يقول : قد بَيَّنْتُ لكم أحْوَال هؤلاء المُنَافِقِين ومَذَاهِبهم ، فلا تَتَّخِذُوا مِنْهُم أوْلِيَاء . ثم قال : { أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُواْ لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُّبِيناً } ، [ فإن حَمَلْنَاه على الأوَّلِ وهو نَهْي المُؤمنين عن مُوالاَةِ الكُفَّارِ ، كان المَعْنَى : أتُرِيدُونَ أن تَجْعَلُوا للَّه عليكم سُلْطَاناً مُبِيناً ] على كَوْنِكُم مُنَافِقِين ، المُرَاد أتُرِيدُون أن تجعلُوا لأهْلِ دين اللَّه وهم الرَّسُول وأمته ، وإن حَملْناهُ على المُنَافِقِين ، كان المَعْنَى : أتريدُون أن تَجْعَلُوا للَّه عليكم في عقَابِكُم حُجَّة ؛ بِسببِ مُوالاتِكُم مع المُنافِقِين . قوله : " سُلْطَاناً " : السلطان يُذكَّرُ ويؤنث ، فتذكيرُه باعتبار البرهان ، وتأنيثه باعتبار الحُجَّة ، إلا أن التأنيثَ أكثرُ عند الفُصَحاء ، كذا قاله الفرَّاء ، وحكى : " قَضت عليْكَ السُّلطَانُ " و " أخذتْ فلاناً السُّلْطَانُ " وعلى هذا فكيف ذُكِّرت صفته ، فقيل : مبيناً دون : مبينة ؟ والجوابُ : أن الصفة هنا رأسُ فاصلة ، فلذلك عدلَ إلى التذكير ، دون التأنيث ، وقال ابن عطية ما يخالِفُ ما حكاه الفراء ؛ فإنه قال : " والتذكيرُ أشهرُ ، وهي لغةُ القرآنِ ؛ حيث وقع " . و " عَلَيْكُمْ " يجوزُ تعلُّقه بالجَعْلِ ، أو بمحذوفٍ على أنه حال من " سُلْطَاناً " لأنه صفة له في الأصل ، وقد تقدَّم نظيره .