Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 51, Ayat: 7-9)

Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم ابتدأ قسماً آخر وهو قوله : { وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلْحُبُكِ } العامة على الحُبُك - بضمتين - قال ابن عباس وقتادة وعكرمة : ذاتِ الخلق الحسن المستوي ، يقال للنساج إذا نَسَجَ الثَوْبَ فَأَجَاد : ما أحْسَنَ حَبْكهُ . وقال سعيد بن جبير : ذاتِ الزّينة أي المزينة بزينة الكواكب . قال الحسن : حُبِكَتْ بالنُّجوم . وقال مجاهد : هي المتقنة المبنيّات . وقال مقاتل والكلبي والضحاك : ذات الطرائق كحَبْك الماء إذا ضَرَبَتْهُ الرِّيح ، وحَبْكِ الرَّمل والشّعر الجَعْد وهو آثار تَثَنِّيه وَتَكسُّرِهِ ، قال زهير : @ 4519 - مُكَلَّلٌ بِأُصُولِ النَّجْمِ تَنْسِجُهُ ريحٌ خَريقٌ لضَاحي مَائهِ حُبُك @@ والحبك جمع يحتمل أن يكون مفرده حَبِيكَة ، كطَرِيقةٍ وطُرُق أَو حِباك نحو : حِمَار وحُمُر قال : @ 4520 - كَأَنَّمَا جَلَّلَها الحُوَّاكُ طِنْفسَةٌ فِي وَشْيِهَا حِبَاكُ @@ وأصل الحَبْك إحكام الشيء وإتقانه ، ومنه يقال للدروع : مَحْبُوكة . وقيل : الحَبْكُ الشدّ والتَّوَثُّق ، قال امرؤ القيس : @ 4521 - قَدْ غَدَا يَحْمِلُنِي فِي أَنْفِهِ لاَحِقُ الإطْلَيْنِ مَحبُوكٌ مُمَرّ @@ وفي هذه اللفظة قراءات كثيرة ، فعن الحسن - ( رضي الله عنه ) - ست قراءات ، الحبك - بالضم - كالعُنُق ، وبضم الحاء وسكون الباء وتروى عن ابن عباس ، وأبي عمرو ، وبكسر الحاء والباء ، وبكسر الحاء وسكون الباء ، وهو تخفيف المكسور ، وكسر الحاء وفتح الباء ، وكسر الحاء وضم الباء ، وهذه أقلها لأن هذه الزنة مهملة في أبنية العرب . قال ابن عطية وغيره : هو من التداخل ، يعني أن فيها لغتين الكسر في الحاء والباء والضم فيهما فأخذ هذا القارىء الكسرَ من لغةٍ ، والضمّ من أُخْرَى . واستبعدها الناس ؛ لأن التداخل إنما يكون في كلمتين . وخرجها أبو حيان على أن الحاء أتبعت لحركة التاء في ذات ، قال : ولم يعتد باللام فاصلةً لأنها ساكنة فهي حاجز بَيِّنٌ حصين . وقد وافق الحسن على هذه القراءة أبو مالك الغِفَارّي . وقرأ عكرمة بالضم والفتح جمع حُبْكَة نحو : غُرْفَة وغُرَف ، وابن عباس وأبو مالك الحَبَك بفتحتين ، جمع حَبْكَة كعَقْبَة وعَقَب . وقوله : { إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ } جواب القسم . فصل المعنى : إنكم يا أهل مكة لفي قول مختلف في حق محمد - صلى الله عليه وسلم - تارة تقولون : إنه أمين ، وأخرى إنه كاذب ، وتارة تنسبونه إلى الجنون ، وتارة كاهن ، وشاعر ، وساحر ، وهذا القول ضعيف ؛ إذ لا حاجة إلى اليمين على هذا ، لأنهم كانوا يقولون ذلك من غير إنكار حتى يؤيد باليمين . وقيل : يقولون : إنه مجنون ثم يقولون : غلبنا بقُوَّةِ جداله . وقيل : لفي قول مختلف في القرآن ، يقولون فيه إنه سِحْرٌ وكَهَانَةٌ وأساطير الأولين . وقيل : قَوْلٌ مختلف أي مصدّق ومكذب . وقيل : غير ثابتين على أمر . وقيل : متناقض ، تارة يقولون : لا حَشْرَ ولا حَيَاةَ بعد الموت ، ثم يقولون : إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا على أُمَّةٍ . قوله : " يُؤفك عنه " صفة لقول ، والضمير في " عنه " للقرآن ، أو الرسول ، أو للدين ، أو لما توعدون ، أي يصرف عنه . وقيل : عن السبب . والمأفوك عنه محذوف ، والضمير في " عنه " على هذا القول مختلف ، أي يؤفك بسبب القول من أراد الإسلام بأن يقول : هو سحرٌ وكَهَانَةٌ . والعامة على بناء الفعلين للمفعول . وقتادة وابن جبير : يُؤْفَكُ عنه من أَفِكَ ، الأول للمفعول ، والثاني للفاعل ، أي يُصْرَفُ عنه من صَرَفَ الناسَ عَنْهُ . وزيد بن علي : يَأْفِكُ مبنياً للفاعل من أُفِكَ مبنياً للمفعول عكس ما قبله ، أي يَصْرِف الناسَ عَنْه مَنْ هو مَأْفُوكٌ في نَفْسِهِ . وعنه أيضاً : يُؤفّكُ عنه من أفَّكَ بالتشديد ، أي من هو أَفَّاك في نفسه . وقرىء : يُؤْفَن عنه من أُفِن بالنون فيهما أي يُحْرَمُهُ من حُرِمَهُ من أَفَنَ الضَّرْعَ إذا نَهَكَهُ حَلْباً . فصل قيل في تفسير قوله : { يؤفك عنه من أفك } وجوه : أحدها : مدح المؤمنين ، ومعناه يصرف عن القول المختلف من صرف عن ذلك القول ، ويرشد إلى القول المستوي . وقيل : إنه ذم ومعناه يؤفك عن الإيمان به من صرف حتى يكذبه ، يعني من حرمه الله الإيمان بمحمد وبالقرآن . وقيل " عن " بمعنى " مِنْ أجل " ، أي يصرف من أجل هذا القول المختلف ، أو بسببه عن الإيمان من صرف ، وذلك أنهم كانوا يتلقون الرجل إذا أراد الإيمان ، فيقولون : إنه ساحر ، وكاهن ، ومجنون ، فيصرفونه عن الإيمان ، قاله مجاهد .