Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 57, Ayat: 14-17)

Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { يُنَادُونَهُمْ } يجوز أن يكون حالاً من الضمير في " بينهم " . قاله أبو البقاء . وهو ضعيف لمجيء الحال من المضاف إليه في غير المواضع المستثناة . وأن تكون مستأنفة ، وهو الظاهر . وقوله : { أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ } يجوز أن يكون تفسيراً للنداء ، وأن يكون منصوباً بقول مقدّر . فصل في معنى الآية والمعنى : ينادي المنافقون المؤمنين { ألم نَكُنْ معكم } يعني : في الدنيا نصلّي مثل ما تصلّون ، ونغزو مثل ما تَغْزُون ، ونفعل مثل ما تفعلون ؟ . " قالوا : بَلَى " ، أي : يقول المؤمنون : بلى ، قد كُنتم معنا في الظَّاهر ، { وَلَـٰكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ } أي : استعملتموها في الفتنة . وقال مجاهد : أهلَكْتمُوهَا بالنِّفاق . وقيل : بالمعاصي . قاله أبو سنان . وقال أبو نمير الهمداني : بالشهوات واللَّذَّات . وقوله : " وتربّصتم " أي : بالنبي صلى الله عليه وسلم الموت ، وبالمؤمنين الدَّوائر . وقيل : تربَّصتم بالتوبة . " وارْتَبْتُمْ " أي : شككتم في التوحيد ، أو النبوة ، أو البعث . " وغرَّتكم الأماني " أي : الأباطيل . وقيل : طول الأمل ، وهو ما كانوا يتمنّونه من ضعف المؤمنين ، ونزول الدَّوائر بهم . وقال قتادة : الأماني هنا خدعُ الشيطان . وقيل : الدنيا ، قاله عبد الله بن عباس . وقال أبو سنان : هو قولهم : " سيغفر لنا " . وقال بلال بن سَعْدٍ : ذكرك حسناتك ، [ ونسيانك ] سيئاتك غِرَّةً { حتَّى جاء أمر الله } يعني : الموت . وقيل : نُصْرة نبيه صلى الله عليه وسلم . وقال قتادة : إلقاؤهم في النَّار . قوله : { وَغَرَّكُم بِٱللَّهِ ٱلْغَرُورُ } . قرأ العامة : " الغَرُور " بفتح الغين ، وهو صفة على " فعول " ، والمراد به : الشَّيْطان ، أي : خدعكم بالله الشيطان . وقرأ أبو حيوة ، ومحمد بن السميفع ، وسماك بن حَرْب : " الغُرُور " بالضم ، وهو مصدر ، والمراد به الأباطيل . " عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم خطَّ لنا خُطُوطاً ، وخط منها خطًّا ناحية ، فقال : " أتَدْرُونَ مَا هَذَا ؟ هَذَا مِثْلُ ابْنِ آدَمَ ومِثْلُ التمنِّي ، وتِلْكَ الخُطُوطُ الآمَالُ ، بَيْنَمَا يتمنَّى إذْ جَاءَهُ المَوْتُ " " . وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : " خطَّ لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطًّا مربَّعاً وخط في وسطه خطًّا ، وجعله خارجاً منه ، وخط عن يمينه ويساره خطوطاً صغاراً ، فقال : " هَذَا ابْنُ آدَمَ وهَذَا أجَلُهُ يُحيطُ بِهِ ، وهذا أمَلُهُ قَدْ جَاوَزَ أجَلَهُ ، وهذه الخُطُوطُ الصِّغَارُ الأعْرَاضُ فإنْ أخْطَأهُ هذا نَهَشَهُ هذا " " . قوله : " فَاليَوْمَ " منصوب بـ " يؤخذ " ، ولا يبالي بـ " لا " النافية ، وهو قول الجمهور وقد تقدم آخر " الفاتحة " ثلاثة أقوال . وقرأ ابن عامر : " تؤخذ " بالتأنيث للفظ الفدية . والباقُون : بالياء من تحت ؛ لأن التأنيث مجازي . فصل في المراد بالفدية قوله : { فاليوم لا يؤخذ منكم فدية } أيها المنافقون ، { ولا من الذين كفروا } أي : أيأسهم من النَّجاة . والمراد بالفدية قيل : لا يقبل منكم إيمان ، ولا توبة ؛ لأن التكليف قد زال وحصل الإلحاد . وقيل : لا يقبل منكم فدية تدفعون بها العذاب عن أنفسكم كقوله تعالى : { وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ } [ البقرة : 123 ] ، والفدية : ما يفتدى به ، فهو يتناول الإيمان والتوبة والمال . قال ابن الخطيب : وهذا يدلُّ على أن قبُول التَّوبة غير واجب عقلاً على ما يقوله المعتزلة ؛ لأنه - تعالى - بين أنه لا يقبل الفدية أصلاً ، والتوبة فدية ، فتكون الآية دالة على أنَّ التوبة غير مقبولة أصلاً ، وإذا كان كذلك لم تكن التوبة واجبة القبول عقلاً . قوله : { وَلاَ مِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } . عطف الكافر على المنافق ، والعطف يقتضي المغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه ، فيقتضي أن يكون المنافق كافراً ؟ . وأجيب بأن المراد منه الذين أظهروا الكفر ، وإلاَّ فالمنافق كافر . قوله : { مَأْوَاكُمُ ٱلنَّارُ } أي : هي مصيركم . وقوله : { هِيَ مَوْلاَكُمْ } يجوز أن يكون مصدراً أي : ولايتكم ، أي : ذات ولايتكم . قال القرطبي : " تملك أمرهم ، بمعنى أن الله - تعالى - يركب فيها الحياة والعقل ، فهي تتميز غيظاً على الكُفَّار ، ولهذا خوطبت في قوله تعالى : { يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ ٱمْتَلأَتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ } [ ق : 30 ] . ويجوز أن يكون مكاناً ، أي : مكان ولايتكم ، وأن يكون بمعنى أولى بكم ، كقوله تعالى : { هِيَ مَوْلاَكُمْ } قاله الكلبي ، وهو قول الزجاج والفراء وأبي عبيدة " . قال ابن الخطيب : وهذا الذي قالوه معنى ، وليس تفسيراً للفظ ، لأنه لو كان " مولى وأولى " بمعنى واحد في اللغة لصحّ استعمال كل واحد منهما مكان الآخر ، وكان يجب أن يصحّ أن يقال : هذا أولى فلان ، كما يقال : مولى فلان ، ولما بطل ذلك علمنا أن الذي قالوه معنًى ، وليس بتفسير ، وإنما نبَّهنا على هذه الدقيقة ؛ لأن الشريف المرتضى لما تمسك في إمامة علي - رضي الله عنه - بقوله صلى الله عليه وسلم : " مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فعليٌّ مَولاهُ " قال : أحد معاني " مولى " أنه أولى . واحتج في ذلك بأقوال أئمة اللغة في تفسير هذه الآية ، بأن " مولى " معناه " أولى " إذا ثبت أن اللفظ محتمل له وجب حمله عليه ؛ لأن ما عداه إمَّا بَيِّنُ الثبوت ككونه ابن العم والنَّاصر ، أو بَيِّنُ الانتفاء كالمعتِق ، والمعتَق ، فيكون على التقدير الأول عبثاً ، وعلى الثاني كذباً . قال ابن الخطيب رحمه الله : وأما نحن فقد بيَّنا بالدليل أن قول هؤلاء في هذا الموضع معنى لا تفسير ، وحينئذ يسقط الاستدلال به . وفي الآية وجه آخر ، وهو أن معنى قوله : " هي مولاكم " أي : لا مولى لكم ؛ لأن من كانت النار مولاه ، فلا مولى له ، كما يقال : ناصره الخذلان ومعينه البكاء ، أي : لا ناصر له ولا معين ، وهذا متأكد بقوله تعالى : { وَأَنَّ ٱلْكَافِرِينَ لاَ مَوْلَىٰ لَهُمْ } [ محمد : 11 ] ، ومنه قوله تعالى : { يُغَاثُواْ بِمَآءٍ كَٱلْمُهْلِ } [ الكهف : 29 ] . وقوله : { وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } أي : هي ، ومعناه : ساءت مرجعاً ومصيراً . قوله : { أَلَمْ يَأْنِ } . قرأ العامة : " ألم " . وقرأ الحسن وأبو السمال : " ألمَّا " . وأصلها " ألم " زيدت عليها " ما " ، فهي نفي كقول القائل : قد كان كذا ، و " لم " نفي ، كقوله : قد كان كذا . وقوله : { أَن تَخْشَعَ } . فاعل " يأن " ، أي : ألم يقرب خشوع قلوبهم ويحينُ ؛ قال الشاعر : [ الطويل ] @ 4720 - ألَمْ يَأنِ لِي يا قَلْبُ أنْ أتْرُكَ الجَهْلاَ وأنْ يُحْدِثَ الشَّيْبُ المُبِيْنُ لنَا عَقْلا @@ وماضيه " أنى " بالقصر " يأني " . ويقال : " آن لك - بالمد - أن تفعل كذا يَئِينُ أيْناً " أي : مثل " أنى لَكَ " وهو مقلوب منه . وأنشد ابن السِّكِّيت : [ الطويل ] @ 4721 - ألَمَّا يَئِنْ لِي أنْ تُجَلَّى عَمايَتِي وأقْصُرُ عَنْ لَيْلَى بَلَى قَدْ أنَى لِيَا @@ فجمع بين اللغتين . وقرأ العامة : " يأن " مضارع " أنى " أي : حان وقرب ، مثل رمى يرمي . والحسن : " يئن " مضارع " آن " بمعنى " حان " أيضاً ، مثل : " باع يبيع " . و " اللام " للتبيين . قاله أبو البقاء ، فعلى هذا يتعلق بمحذوف ، أي : أعني للذين . فصل في نزول هذه الآية في " صحيح مسلم " ، عن ابن مسعُود قال : ما كان بين إسلامنا وبين أن عاتبنا الله بهذه الآية { أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ ٱللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ ٱلْحَقِّ } إلا أربع سنين . قال الخليل : العِتَاب مخاطبة الإذلال ، ومذاكرة الموجدة . تقول : عاتبت معاتبة . " أن تخْشعَ " ، أي : تذل وتلين { قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ ٱللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ ٱلْحَقِّ } . " وروي أن المزاح والضحك كثر في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ترفهوا بـ " المدينة " فنزلت الآية ، ولما نزلت هذه الآية قال عليه الصلاة والسلام : " إنَّ الله يَسْتَبْطِئكُمُ بالخُشُوعِ " فقالوا عند ذلك : خشعنا " . وقال ابن عباس رضي الله عنهما : إنَّ الله استبطأ قلوب المؤمنين فعاتبهم على رأس ثلاث عشرة سنة من نزول القرآن . وقيل : نزلت في المنافقين بعد الهجرة ، وذلك لما سألوا سلمان أن يحدثهم بعجائب التوراة ، فنزلت : { الۤر تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ } [ يوسف : 1 ] إلى قوله : { نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ ٱلْقَصَصِ } [ يوسف : 3 ] فأخبرهم أن القصص أحسن من غيره ، وأنفع لهم ، فكفُّوا عن سلمان ، ثم سألوه مثل الأول ، فنزلت : { أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوۤاْ } [ الآية ، فعلى هذا التأويل يكون { فَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ } في العلانية باللسان ] . وقال السُّدي وغيره : { أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوۤاْ } بالظَّاهر وأسرُّوا الكفر { أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ ٱللَّهِ } . وقيل : نزلت في المؤمنين . قال سعد : قيل : يا رسول الله ، لو قصصت علينا ؟ فنزل : { نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ ٱلْقَصَصِ } [ يوسف : 3 ] فقالوا بعد زمان : لو حدثتنا ، فنزل قوله : { ٱللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ ٱلْحَدِيثِ } [ الزمر : 23 ] فقالوا بعد مدة : لو ذكرتنا ، فأنزل الله تعالى : { أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ ٱللَّهِ } الآية . وقيل : هذا خطاب لمن آمن بموسى وعيسى دون محمد - عليهم الصلاة والسلام - لأنه قال عقيبه : { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ } [ الحديد : 19 ] أي : ألم يأن للذين آمنوا بالتوراة والإنجيل أن تلين قلوبهم للقرآن ، وألاَّ يكونوا كمتقدمي قوم موسى وقوم عيسى ؛ إذ طال عليهم الأمد بينهم وبين نبيهم ، فقَسَتْ قلوبهم . قوله : { وَمَا نَزَلَ } . قرأ نافع وحفص : " نَزَل " مخففاً مبنيًّا للفاعل . وباقي السبعة كذلك إلاَّ أنها مشددة . والجحدري وأبو جعفر والأعمش وأبو عمرو في رواية : " ما نزّل " مشدداً مبنيًّا للمفعول . وعبد الله : " أنْزَل " مبنيًّا للفاعل ، وهو الله تعالى . و " ما " في قراءة " ما نزل " مخففاً ، يتعين أن تكون اسمية ، ولا يجوز أن تكون مصدرية لئلا يخلو الفعل من الفاعل ، وما عداها يجوز أن تكون مصدرية ، وأن تكون بمعنى " الذي " . فإن قلت : فقراءة الجحدري ومن معه ينبغي أن تكون فيها اسمية لئلاَّ يخلو الفعل من مرفوع ؟ فالجواب : أن الجار وهو قوله : " من الحقّ " يقوم مقام الفاعل . فصل في معنى الآية قال ابن الخطيب : يحتمل أن يكون المراد بذكر الله ، وما نزل من الحق هو القرآن ؛ لأنه جامع للوصفين الذِّكر والموعظة ، وأنه حق نازل من السماء ، ويحتمل أن يكون المراد هو ذكر الله مطلقاً ، و { ما نزل من الحقّ } هو القرآن ، وإنما قدم الخشوع بالذكر على الخشوع بما نزل من القرآن ؛ لأن الخشوع والخوف والخشية لا تحصل إلا عند ذكر الله تعالى ، فأما حصولها عند سماع القرآن ، فذلك لأجل اشتمال القرآن على ذكر الله . قوله : { وَلاَ يَكُونُواْ } . قرأ العامة : بالغيبة جرياً على ما تقدم . وأبو حيوة ، وابن أبي عبلة : بـ " التاء " من فوق على سبيل الالتفات . قال القرطبي : وهي رواية رويس عن يعقوب ، وهي قراءة عيسى ، وابن إسحاق . ثم هذا يحتمل أن يكون منصوباً عطفاً على " يخشع " كما في قراءة الغيبة ، وأن يكون نهياً ، فتكون " لا " ناهية والفعل مجزوم بها . ويجوز أن يكون نهياً في قراءة الغيبة أيضاً ، ويكون ذلك انتقالاً إلى نهي أولئك المؤمنين عن كونهم مشبهين لمن تقدمهم نحو " لا يَقُمْ زيد " . قوله : { فَطَالَ عَلَيْهِمُ ٱلأَمَدُ } . قرأ العامة : بتخفيف الدال بمعنى الغاية ، كقولك : أمد فلان ، أي : غايته . وقرأ ابن كثير في رواية بتشديدها ؛ وهو الزمن الطَّويل . فصل في معنى الآية معنى الآية لا تسلكوا سبيل اليهود والنصارى أعطوا التوراة والإنجيل ، فطالت الأزمان لهم . قال ابن مسعود رضي الله عنه : إن بني إسرائيل لما طال عليهم الأمدُ قست قلوبهم ، فاخترعوا كتاباً من عند أنفسهم استحلته أنفسهم ، وكان الحق يحول بينهم وبين كثير من شهواتهم حتَّى نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم ، كأنهم لا يعلمون ، ثم اصطلحوا على أن يرسلوه إلى عالم من علمائهم ، وقالوا : إن هو تابعنا لم يخالفنا أحد ، فإن أبى قتلناه ، فلا يختلف علينا بعده أحد ، فأرسلوا إليه ، فكتب كتاب الله في ورقةٍ ، وجعلها في عنقه ، ثم لبس عليه ثياباً وأتاهم ، فعرضوا عليه كتابهم ، وقالوا : أتؤمن بهذا ؟ فضرب بيده على صدره وقال : آمنت بهذا - يعني المعلق على صدره - فافترقت بنو إسرائيل على بضع وسبعين [ ملة ] ، وخير مللهم أصحاب ذي القرن ؛ قال عبد الله : ومن يَعِشْ منكم فسيرى منكراً ، ويجب على أحدكم إذا رأى المنكر لا يستطيع أن يغيره أن يعلم الله من قلبه أنه له كارهٌ . وقال مقاتل : يعني مؤمني أهل الكتاب طال عليهم الأمدُ ، واستبطئوا بعث النبي صلى الله عليه وسلم { فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ ، وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ } يعني : الذين ابتدعوا الرَّهبانية أصحاب الصوامع . وقيل : من لا يعلم ما يتديّن به من الفقه ، ويخالف من يعلم . [ وقيل : هم من لا يؤمن في علم الله تعالى ، وقال ابن عباس : مالوا إلى الدنيا ، وأعرضوا عن مواعط الله . وقيل : ] طالت أعمارهم في الغفلة ، فحصلت القَسْوة في قلوبهم بذلك السبب . [ وقيل غير ذلك . وقوله : { وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ } أي : خارجون عن دينهم رافضون لما في الكتابين ، ] وكأنه أشار إلى أن عدم الخشوع في أول الأمر يفضي إلى الفِسْقِ في آخر الأمر . قوله تعالى : { ٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ يُحْيِـي ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا } . أي : يحييها بالمطر . وقال صالح المري : يلين القلوب بعد قسوتها . وقال جعفر بن محمد : يحييها بالعدلِ بعد الجورِ . وقيل : المعنى : وكذلك يحيي الكافر بالهدى إلى الإيمان بعد الكفر والضلالة . وقيل : كذلك يحيي الموتى من الأمم ، ويميز بين الخاشع قلبه ، وبين الفاسق قلبه . { قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ ٱلآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } أي : إحياء الله الأرض بعد موتها دليل على قدرة الله ، وأنه يحيي الموتى .