Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 142-142)

Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله - تعالى - { حَمُولَةً وَفَرْشاً } مَنْصُوبان على أنَّهُما نُسِقَا على " جَنَّاتِ " أي : وأنشأ من الأنْعام حَمُولَة ، و " الأنْعَام " قيل : هي من الإبل خَاصَّة ، وقيل : الإبل والبَقَر والغَنَم . وقيل : ما أحَلَّه الله - تعالى - من الحيوانِ ؛ قاله أحمد بن يَحْيَى ، قال القُرْطُبيُّ : وهذا أصَحُّهَا . وقال القُرْطُبِي : فَعُوله بفتح الفَاءِ ، إذَا كانت بمعنى الفَاعِل اسْتَوى فيها المُذَكَّر والمؤنَّث ؛ نحو قولك : رَجُل فَرُوقَه للجَبَان والخَائِفِ ، ورجل صَرُورَة وامرأة صرورة إذا لم يَحُجَّا ؛ ولا جَمْع له فإذا كانت بِمَعْنَى المَفْعُول , فرق بين المُذَكَّر والمؤنَّث بالهَاءِ ، كالحَلُوبة والرَّكُوبة ، والحَمُولة بضم الحاءِ : أحْمَال وأما الحُمُول : بالضَّمِّ بغير هاء فهي الإبل الَّتِي عليه الهَوَادِجُ كان فيها نِساءٌ أو لم يَكُنِّ ؛ قاله أبو زَيْد . والحَمُولة : ما أطَاق الحمل عَلَيْه من الإبل , والفَرْش : صِغَارها هذا هو المشْهُور في اللُّغَة . وقيل الحَمُولة : كبارُ الأنْعَام ، أعني : الإبل والبَقَر والغَنَم ، والفَرْشُ : صغارها قال : " ويدُلُ له أنَّهُ أبدل منه قوله بعد ذلك : " ثَمَانِيَة أزْوَاجٍ من الضَّأنِ " كما سيأتيِ لأنها دَانِية من الأرْض بسبب صغَر أجْرَامِها مثل الفَرْشِ وهي الأرْض المَفْرُوشُ عليها " . وقال الزَّجَّاج : أجمع أهْل اللُّغَة على أنّ الفَرْشَ صِغَار الإبل ، وأنشد القَائِل : [ الرجز ] @ 1257 - أوْرَثَنِي حَمُولَةً وَفَرْشَا أمُشُّهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ مَشَّا @@ وقال الآخر : [ الرمل ] @ 2358 - وَحَوَيْنَا الفَرْشَ مِنْ أنْعَامِكُمْ والحَمُولاتِ وَربَّاتِ الحِجَالْ @@ قال أبو زَيْد : " يحتمل أن يكون سُمِّيَتْ بالمَصْدَر ؛ لأن الفَرْشَ في الأصْل مصدر " والفَرْش لفظ مُشْتَرك بين مَعَانِ كثيرة : منها ما تقدَّم ، ومنها : مَتَاع البَيْت والفَضَاء الوَاسِع ، واتِّسَاع خُفِّ البَعير قليلاً ، والأرْض الملساء ، عن أبي عَمْرو بن العَلاء ، ونباتٌ يلْتَصِق بالأرْضِ ، ومنه قول الشاعر : [ الرجز ] @ 2359 - كَمِشْفَرِ النَّابِ تلُوكُ الفَرْشَا @@ وقيل الحَمُولة : كل ما حُمِل عليه من إبل وبَقَر وبَغْل وحِمَار . والفَرْشُ هنا : ما اتُّخِذَ من صُوفه ووبَرِه وشَعْرِه ما يُفْتَرشُ ، وأنشدوا للنَّابعة : [ الطويل ] @ 2360 - وَحَلَّتْ بُيُوتِي فِي يَفَاعٍ مُمَنَّعٍ تَخَالُ بِهِ رَاعِي الحَمُولَةِ طَائِرا @@ وقال عنترة : [ الكامل ] @ 2361 - مَا رَاعَنِي إلاَّ حَمُولَةُ أهْلِهَا وَسْطَ الدِّيار تَسَفُّ حَبَّ الخِمْخِمِ @@ قوله : { كُلُوا ممَّا رزَقُكم اللَّه } يريد : ما أحَلَّها لكم . قالت المعتزلة : إنه - تبارك وتعالى - أمر بأكْل الرِّزْقِ ، ومنع من أكل الحَرامِ ينتج أن الرِّزْق ليس بَحَرَام . ثم قال - تعالى - : { وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَان } أي : التَّحْلِيل والتَّحريم من عِنْد أنْفُسكُم ، كما فعله أهْل الجَاهِليَّة ، أي : لا تَسْلكُوا طرائق الشَّيْطَان وأبان { إنه لَكُم عَدُوٌّ مُبِينٌ } أي : بيَّن العداوة أخرج آدم من الجنَّة ، وقوله : { لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيلاً } [ الإسراء : 62 ] . قال الزجاج : في خُطُوات الشَّيْطَانِ ثلاثة أوجُه : ضم الطاء ، وفتحها ، وإسْكَانها .