Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 61, Ayat: 4-4)
Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ زيد بن علي : " يُقَاتَلُون " - بفتح التاء - على ما لم يسم فاعله . وقرىء : " يُقَتَّلُونَ " بالتشديد . و " صفًّا " : نصب على الحال ، أي : صافين أو مصفوفين . قل القرطبي : " والمفعول مضمر ، أي : يصفون أنفسهم صفًّا " . وقوله : " كأنَّهُمْ " يجوز أن يكون حالاً ثانية من فاعل : " يقاتلون " ، وأن يكون حالاً من الضَّمير في " صفًّا " ، فتكون حالاً متداخلة قاله الزمخشري . وأن يكون نعتاً لـ " صفًّا " ، قاله الحوفي . وعاد الضمير على " صفًّا " ، فيكون جمعاً في المعنى ، كقوله : { وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱقْتَتَلُواْ } [ الحجرات : 9 ] . فصل فإن قيل : وجه تعلق هذه الآية بما قبلها ، أن قوله تعالى : { كَبُرَ مَقْتاً عِندَ ٱللَّهِ } في ذم المخالفين في القتال ، وهم الذين وعدوا بالقتال ولم يقاتلوا ، وهذه الآية مدح [ للموافقين ] في القتال . واعلم أن المحبة على وجهين . أحدهما : الرضا عن الخلق . وثانيهما : الثَّناء عليهم . والمرصوص ، قيل : المتلائم الأجزاء المستويها . وقيل : المعقود بالرصاص . قاله الفراء . وقيل : هو من التضام من تراصّ الأسنان . وقال الراعي : [ الرجز ] @ 4763 - مَا لَقِيَ البِيضُ من الحُرْقًوصِ يَفْتَحُ بَابَ المغْلَقِ المَرْصُوصِ @@ الحرقوص : دويبة تولع بالنساء الأبكار . وقال القرطبي : والتَّراصُّ : التلاصق ، ومنه قوله : وتراصوا في الصف ، ومعنى الآية : إن الله - تعالى - يحب من يثبت في الجهاد ، وفي سبيله ، ويلزم مكانه ، كثبوت البناء . وقال ابن عباس رضي الله عنهما : يوضع الحجر على الحجر ، ثم يرص بأحجار صغار ، ثم يوضع اللبن عليه ، فيسمونه أهل مكة المرصوصُ . قال ابنُ الخطيب : ويجوز أن يكون المعنى على أن يكون ثباتهم في حرب عدوهم حتى يكونوا في اجتماع الكلمة ، وموالاة بعضهم بعضاً ، كالبنيان [ المرصوص ] . وقال سعيدُ بن جبيرٍ : هذا تعليم من الله للمؤمنين ، كيف يكونون عند قتال عدوهم . فصل في أن قتال الراجل أفضل من الفارس قال القرطبي : استدل بهذه الآية بعضهم على أن قتال الراجل أفضل من قتال الفارس ؛ لأن الفرسان لا يصطفون على هذه الصفة . قال المهدويُّ : وذلك غير مستقيم لما جاء في فضل الفارس من الأجر والغنيمة ، ولا يخرج الفرسان من معنى الآية ؛ لأن معناه الثبات . فصل في الخروج من الصف لا يجوز الخروج من الصفِّ إلا لحاجة تعرض للإنسان ، أو في رسالة يرسلها الإمام ، أو منفعة تظهر في المقام كـ " فرصة " تنتهز ولا خلاف فيها . وفي الخروج عن الصف للمبارزة [ خلاف ] . فقيل : إنه لا بأس بذلك إرهاباً للعدو ، وطلباً للشهادة ، وتحريضاً على القتال . وقيل : لا يبرز أحد طلباً لذلك ؛ لأن فيه رياء وخروجاً إلى ما نهى الله عنه من لقاء العدو ، وإنما تكون المبارزة إذا طلبها الكافر ، كما كانت في حروب النبي صلى الله عليه وسلم يوم " بدر " ، وفي غزوة " خيبر " ، وعليه درج السلف . وقد تقدم الكلام في ذلك في سورة " البقرة " عند قوله : { وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى ٱلتَّهْلُكَةِ } [ الآية : 195 ] .