Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 101-101)

Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { تِلْكَ ٱلْقُرَىٰ نَقُصُّ عَلَيْكَ } . قال الزَّمَخْشَرِيُّ : كقوله : { وَهَـٰذَا بَعْلِي شَيْخاً } [ هود : 72 ] في كونه مبتدأ وخبراً وحالاً يعني أن " تِلْكَ " مبتدأ مشارٌ بها إلى ما بعدها ، و " القُرَى " خبرها ، و " نَقُصُّ " حال أي قاصِّينَ كقوله : { فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً } [ النمل : 52 ] . قال الزمخشريُّ : فإن قلت : ما معنى " تِلْكَ القُرَى " حتى يكون كلاماً مفيداً ؟ قلت : هو مفيدٌ ولكن بالصِّفةِ في قولك : " هو الرَّجُلُ الكريم " يعني أنَّ الحال هنا لازمه ليفيد التَّركيب كما تلزم الصِّفةِ في قولك : " هو الرَّجُلُ الكريمُ " ألا ترى أنَّكَ لو اقتصرت على " هو الرَّجُلُ " لم يكن مفيداً ، ويجوزُ أن تكون " القُرَى " صفة لتلك ، و " نقصُّ " الخبر ، ويجوز أن يكون " نقصُّ " خبراً بعد خبر . و " نَقُصُّ " يجوز أن يكون على حاله من الاستقبال أي : قد قصصنا عليك من أبْنَائِهَا ونحن نَقُصُّ عليك أيضاً بعض أبنائها [ ويجوز أن يكون عبر به عن الماضي ، أي : قد قَصَصْنَا عليك من أبنائها ] وأُشير بالبُعْدِ تنبيهاً على بعد هلاكها وتقادمه عن زمن الإخبار فهو من الغيب ، وأراد القصص المتقدمة . وفي قوله : " القُرَى " بـ " أل " تعظيم كقوله تعالى : { ذَلِكَ ٱلْكِتَابُ } [ البقرة : 22 ] ، وقول الرسول - عليه الصلاة والسلام : " أوْلَئِكَ المَلأُ مِنْ قُريشٍ " ، وقول أمية : [ البسيط ] @ 2534 - تِلْكَ المَكَارِمُ لا قَعْبَانِ مِنْ لَبَنٍ شِيبا بِمَاءٍ فَعَادَا بَعْدُ أبْوَالاً @@ و " مِنْ " للتبعيض كما تقدَّم ؛ لأنَّهُ إنَّما قصَّ عليه - عليه الصلاة والسلام - ما فيه عظةٌ وانزجارٌ دون غيرهما ، وإنَّما قصّ أنباء أهل القرى ؛ لأنَّهم اغتروا بطول الإمهال مع كثرة النِّعم فتوهموا أنَّهُم على الحقِّ ، فذكرها الله - تعالى - لقوم محمد - عليه الصلاة والسلام - ليحترزوا عن مثل تلك الأعمال ، ثم قال : { وَلَقَدْ جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ } . قوله : { فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ } الظَّاهِرُ أنَّ الضَّمائرَ عائدة على أهل القرى . وقال يمان بن رئاب : إنَّ الضميرين الأوَّلين لأهل القرى ، والضَّميرُ في " كذَّبُوا " لأسْلافِهم . وكذا جوَّزهُ ابن عطية أيضاً أي : " فما كان الأبناء ليؤمِنُوا بما كذَّب به الآباء " ، وقد تقدَّم الكلامُ على لام الجُحُودِ ، وأنَّ نفي الفِعْلِ معها أبْلَغُ . و " ما " موصولة اسميَّة ، وعائدها مَحْذُوفٌ ؛ لأنَّه مَنصوبٌ متَّصل أي : بما كذبوه [ ولا يجوز أن يقدر به وإن كان الموصول مجروراً بالباء أيضاً لاختلاف المتعلق ، وقال هنا " بما كذبوا " ] فلم يذكر متعلق التكذيب ، وفي " يونس " ذكره فقال : { بِمَا كَذَّبُواْ بِهِ } [ يونس : 74 ] ، والفرق أنَّهُ لمَّا حذفه في قوله : { وَلَـٰكِن كَذَّبُواْ } [ الأعراف : 96 ] أستمرّ حذفه بعد ذلك ، وأمَّا في يونس فقد أبرزه في قوله : { فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ } [ يونس 74 ] . { كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا } [ يونس : 73 ] فناسب ذكره موافقة قال معناه الكرمَانِيّ . فصل في معنى " ما كانوا ليؤمنوا " قال ابن عباس والسُّدِّيُّ : " فما كان أولئك الكفار ليؤمنوا عن إرسالي بما كذبوا به يوم أخذنا مِيثاقَهُم حين أخرِجُوا من ظهر آدم فآمنوا كرهاً وأقرُّوا باللِّسانِ وأضمروا التَّكذيب " . وقال الزَّجَّاجُ : " فما كانوا ليؤمنوا بعد رؤيةِ تلك المعجزات بما كَذَّبُوا قبل رؤية المُعْجِزَاتِ " . وقيل : معناه ما كانوا لو أحييناهم بعد إهلاكهم ورددناهم في دار التكليف ليؤمنوا بما كذَّبُوا به قبل إهلاكهم ، ونظيره قوله تعالى : { وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ } [ الأنعام : 28 ] . [ وقيل : إنه قبل مجيء الرسول كانوا مصرين على الكفر فهؤلاء ما كانوا ليؤمنوا بعد مجيء الرسل ] وقيل : ليؤمنوا في الزَّمانِ المستقبل قوله : { كَذَلِكَ يَطْبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِ ٱلْكَافِرِينَ } . قال الزَّجَّاجُ : والكاف في " كذلك " في محلِّ نصب [ أي : مثل ذلك الطبع على قلوب أهل القرى المنتفي عنهم الإيمان يطبع الله على قلوب الكفرة الجانين ] .