Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 107-107)

Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لما طلب فرعون من موسى إقَامَةِ البَيِّنَةِ على صحَّةِ دعواه ، بين الله تعالى أنَّ معجزته كانت قلب العصا ثعباناً ، وإظهار اليد البيضاء . " فإذَا " فجائية وقد تقدَّم أنَّ فيها مذاهبَ ثلاثةً : ظرف مكان ، أو زمان ، أو حرف . وقال ابن عطية هنا : " وإذَا ظرف مكان في هذا الموضع عند المبرِّد من حيثُ كانت خبراً عن جثة ، والصَّحيحُ الذي عليه النَّاسُ أنَّهَا ظَرْفُ زَمَانٍ في كلِّ مَوْضِعٍ " . قال شهابُ الدِّين : " والمشهورُ عند النَّاسِ قول المبردِ ، وهو مذهب سيبويه " . وأمَّا كونها زماناً فهو مَذْهَبُ الرِّيَاشي ، وعُزِيَ لسيبويه أيضاً . وقوله : " من حيث كانت خبراً عن جثَّة " ليست هي هنا خبراً عن جُثَّة ، بل الخبرُ عن " هي " لفظ " ثُعْبَان " لا لَفْظ " إذا " . والثُّعْبَانُ هو ذَكَرُ الحيَّاتِ العظيم ، واشتقاقُه من ثَعَبْتُ المكان أي : فجَّرْتُه بالمَاءِ ، شُبِّه في انسيابه بانْسِيَابِ الماء ، يقال : ثَعَبْتُ الماءَ فجَّرْتُه فانْثَعَبَ . ومنه مَثْعَبُ المطر ، وفي الحديث : " جَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ وَجَرْحُهُ يَثْعَبُ دماً " . فصل فإن قيل إنَّهُ وصفها هنا بكونها ثُعْبَاناً ، وهو العظيمُ الهائل الخلق ، وفي موضع آخر يقول : { كَأَنَّهَا جَآنٌ } [ النمل : 10 ] ، والجان من الحيَّاتِ الخفيف الضّئيل الخلق ، فكيف الجَمْعُ بين هاتين الصّفتين ؟ وقد أجاب الزَّمَخْشَرِيُّ في غير هذا المكان بجوابين : أحدهما : أنَّهُ يجمع لها بين الشيئين : أي كبر الجُثَّةِ كالثُّعْبَانِ وبين خفَّةِ الحركة ، وسرعة المشي كالجَان . والثاني : أنَّها في ابتداء أمرها تكون كالجَان ، ثمَّ يتعاظمُ ويتزايد خلقها إلى أن تصير ثُعْبَاناً . وفي وصف الثُّعبانِ بكونه مُبيناً وجوه : أحدها : أنُّهُ تمييز ذلك عمَّا جاءت به السَّحرَة من التمويه الذي يلتبسُ على من لا يعرف سببه . وثانيها : أنَّهم شاهدوا كونه حيَّةً ، فلم يشتبه الأمر عليهم فيه . وثالثها : أنَّ الثَّعبان أبان قول موسى عليه السلام عن قول المدعي الكاذب .