Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 144-145)

Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { يَٰمُوسَىٰ إِنِّي ٱصْطَفَيْتُكَ عَلَى ٱلنَّاسِ } . الاصطفاء : استخلاص الصَّفْوَةِ أي : اخترتك واتَّخذتك صفوة على النَّاس . قال ابنُ عبَّاسٍ : " فَضَّلْتُكَ على النَّاسِ " . قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو إنِّيَ بفتح الياء ، وكذلك { أَخِي ٱشْدُدْ } [ طه : 31 ، 30 ] . قوله برسالاتي أي : بسبب . وقرأ الحرميَّان : برِسالتِي بالإفراد ، والمُرادُ به المصدر ، أي : بإرْسَالي إيَّاك ، ويجوزُ أن يكون على حذفِ مضاف ، أي : بتبليغ رسالتي . والرِّسالةُ : نَفْسُ الشَّيء المرسل به إلى الغير . وقرأ الباقون بالجمع اعتباراً بالأنواعِ ، وقد تقدَّم ذلك في المائدةِ والأنعام . قال القرطبيُّ : ومن جمع على أنه أرسل بضروب من الرسالةِ فاختلف أنواعها ، فجمع المصدر لاختلاف أنواعه ؛ كقوله : { إِنَّ أَنكَرَ ٱلأَصْوَاتِ لَصَوْتُ ٱلْحَمِيرِ } [ لقمان : 19 ] واختلاف المصوتين ، ووحَّدَ في قوله : لصوتُ لما أراد به جنساً واحداً من الأصوات . قوله : " وَبِكلامِي " هي قراءة العامَّةِ ، فيحتملُ أن يُرادَ به المصدرُ ، أي : بتكليمي إيَّاكَ ، كقوله : { وَكَلَّمَ ٱللَّهُ مُوسَىٰ تَكْلِيماً } [ النساء : 164 ] وقوله : [ الطويل ] @ 2569 - … تُكَلِّمنِي فيها شِفَاءٌ لِمَا بِيَا @@ أي : بتكليمي إيَّاهَا ، ويحتملُ أن يراد به التَّوراة ، وما أوحاه إليه من قولهم للقرآن " كلامُ الله " تسميةً للشيء بالمصدر . وقدَّم الرِّسالةَ على الكلام ؛ لأنَّها أسبق ، أو ليترقَّى إلى الأشرفِ ، وكرَّر حرف الجرِّ ، تنبيهاً على مغايرة الاصطفاء . وقرأ الأعمش : " بِرِسَالاتِي وبِكلمِي " جمع " كلمة " وروى عنه المهدويُّ أيضاً " وتكليمي " على وزن التَّفعيل ، وهي تؤيِّدُ أنَّ الكلامَ مصدرٌ . وقرأ أبو رجاء " بِرِسالتِي " بالإفراد و " بِكَلِمي " بالجمع ، أي : وبسمَاع كلمي . فصل لما طلب موسى - عليه الصَّلاة والسَّلام - الرؤية ومنعه الله تعالى ، عدد عليه وجوه نعمه العظيمة ، وأمره بشكرها . كأنَّهُ قال له : إن كنت قد منعتك الرؤية فقد أعطيتك من النِّعَمِ العظيمة كذا وكذا ، فلا يضيقُ صدرُكَ بسبب منع الرُّؤيةِ ، وانظر إلى أنواع النِّعمِ التي خَصَصْتُك بها واشتغل بشكرها ، والمراد : تسليةُ موسى - عليه الصلاة والسلام - عن منع الرؤية . فإن قيل : كيف اصطفاهُ على النَّاسِ برسالاته مع أنَّ كثيراً من النَّاسِ قد سَاوَاهُ في الرسالةِ ؟ فالجوابُ : أنَّهُ تعالى بيَّن أنَّهُ خصَّهُ من دون النَّاسِ بمجموع الأمرين : وهو الرسالة مع الكلام بغير واسطة ، وهذا المجموعُ لم يحصل لغيره ، وإنَّما قال : " عَلَى النَّاسِ " ولم يقل : على الخلق ؛ لأنَّ الملائكة تسمع كلام اللَّهِ من غير واسطة كما سمعه موسى . قال القرطبيُّ : " وَدَلَّ هذا على أنَّ قومه لم يشاركه أحدٌ منهم في التَّكليم ولا أحد من السَّبعين " . قوله : { فَخُذْ مَآ آتَيْتُكَ } أي : اقْنَعْ بما أعطيتك . { وَكُنْ مِّنَ ٱلشَّاكِرِينَ } ، أي : المظهرين لإحسانِي إليك ، وفضلي عليك . يقال : دَابَّةٌ شكورٌ ، إذا ظهر عليها من السِّمن فوق ما تُعْطَى من العَلَف ، والشَّاكِرُ متعرض للمزيد ؛ كما قال تعالى : { لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ } [ إبراهيم : 7 ] . قوله تعالى : { وَكَتَبْنَا لَهُ فِي ٱلأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً } . قوله : في الألْوَاحِ يجوز أن تكون لتعريف الماهيَّةِ ، وأن تكون للعهد ؛ لأنَّهُ يروى في القصَّة أنَّهُ هو الذي قطَّعَهَا وشقَّقَهَا . وقال ابنُ عطيَّة أل عوض من الضمير ، تقديره : في ألواحه ، وهذا كقوله : { فَإِنَّ ٱلْجَنَّةَ هِيَ ٱلْمَأْوَىٰ } [ النازعات : 41 ] أي : مأواه . أمَّا كون أل عوضاً من الضَّمير فلا يعرفه البصريون . وأمَّا قوله : { فَإِنَّ ٱلْجَنَّةَ هِيَ ٱلْمَأْوَىٰ } فإنَّا نحتاجُ فيه إلى رابطٍ يَرْبِطُ بين الاسم والخبر ، والكوفيون : يجعلون أل عوضاً من الضمير . والبصريون : يُقَدِّرُونَهُ ، أي : هي المأوى له ، وأما في هذه الآية فلا ضرورة تدعو إلى ذلك . وفي مفعول " كتبنا " ثلاثةُ أوجهٍ ، أحدها : أنَّهُ " موعِظَةً " ، أي : كتبنا له مَوْعِظَةً وتفْصِيلاً . و { مِنْ كُلِّ شَيْءٍ } على هذا فيه وجهان ، أحدهما : متعلِّقٌ بـ " كَتَبْنَا " والثاني : أنَّهُ متعلِّقٌ بمحذوف ؛ لأنَّهُ في الأصلِ صفةٌ لـ " مَوْعِظَةً " فلمَّا قُدِّم عليها نُصِبَ حالاً ، و " لِكُلِّ شيءٍ " صفة لـ " تفصيلاً " . والثاني : أنَّهُ { مِنْ كُلِّ شَيْءً } . قال الزمخشريُّ { مِنْ كُلِّ شَيْءٍ } في محل نصب مفعول " كَتَبْنَا " ، و " مَوعِظَةً وتفْصِيلاً " بدل منه ، والمعنى : كَتَبْنَا له كُلَّ شيءٍ كان بنو إسرائيل يَحْتَاجُونَ إليه في دينهم من المواعظِ ، وتفصيل الأحكامِ وتفصيل الحلالِ والحرامِ . الثالث : أنَّ المفعول محل المجرور . وقال أبُو حيَّان - بعد ما حكى الوجه الأول عن الحوفي والثَّاني عن الزمخشري - : ويُحْتَمَلُ عندي وجهٌ ثالثٌ ، وهو أن يكونَ مفعولُ " كَتَبْنَا " موضع المجرور ، كما تقولُ : " أكلت من الرغيف " و " مِنْ " للتبعيض ، أي : كتبنا له أشياء من كُلِّ شيء ، وانتصب " مَوْعظَةً وتَفْصِيلاً " على المفعول من أجله ، أي : كتبنا له تلك الأشياءَ للاتِّعاظِ وللتفصيل . قال شهابُ الدِّينِ : " والظَّاهِرُ أنَّ هذا الوجه هو الذي أراده الزَّمخشري ، فليس وجهاً ثالثاً " . قوله : " بِقُوَّةٍ " حالٌ : إمَّا من الفاعل ، أي : ملتبساً بقوة ، وإمَّا من المفعول ، أي : ملتبسه بقوة ، أَي : بقوَّةِ دلائلها وبراهينها ، والأول أوضح . والجملةُ من قوله : " فَخُذْهَا " يُحتمل أن تكون بدلاً من قوله { فَخُذْ مَآ آتَيْتُكَ } وعاد الضَّميرُ على معنى " ما " لا على لفظها . ويحتمل أن تكونَ منصوبة بقول مضمر ، ذلك القولُ منسوقٌ على جملة " كَتَبْنَا " والتقديرُ : وكتبنا فقلنا : خُذْهَا ، والضَّميرُ على هذا عائدٌ على الألواحِ أو على التَّوراةِ ، أو على الرِّسالاتِ ، أو على كُلِّ شيءٍ ؛ لأنَّهُ في معنى الأشياء . قال القرطبيُّ : " فكأنَّ اللَّوحَ تلوح فيه المعاني . ويقال : رجل عظيم الألواح إذا كان كبيرَ عظم اليدين ، والرِّجليْنِ " . فصل قال الكلبيُّ : خَرَّ مُوسَى صَعِقاً يوم الخميس يوم عرفة ، وأعطي التَّوراة يوم الجمعةِ يوم النَّحر ، واختلفوا في عدد الألواح وجوهرها فقيل : كانت عشرة ، وقيل سبعة . وقيل : إنَّها لوحان . وقال الواحديُّ : كانت من زُمُردَة . وقيل : من زبرجدة خضراء ، وقيل : ياقوتة ، وقيل : من خشب سور الجنَّةِ طول كل لوح اثني عشرة ذراعاً . وقال وهْبٌ : من صخرة صَمَّاء لَيَّنَهَا اللَّهُ لِمُوسَى . قيل : رفع سبعها وبقيت ستة أسباعها ، وكان في الذي رفع تفصيل كلِّ شيء وفي الذي بقي الهدى والرحمة ، وليس في الآية ما يدلُّ على شيء من ذلك ، ولا على كيفية الكتابة فإن ثبت في ذلك شيء بدليل منفصل قويٍّ وجب القولُ به ، وإلاّ وجب السُّكوت عنه . وأمَّا قوله مِن كُلِّ شيءٍ فليس على العموم ، بل المراد من كلِّ شيء يحتاجُ موسى وقومه إليه في دينهم . وقوله : { مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ } فهو كالبيانِ للجملة التي قدمها بقوله : { مِن كُلِّ شَيْءٍ } ثم قال : " فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ " أي : بعزيمةٍ قويةٍ ونيَّةٍ صادقةٍ . قوله : { وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا } . الظَّاهِرُ أنَّ يأخُذُوا مَجْزُومٌ جواباً للأمرِ في قوله وأمْرُ ولا بدَّ من تأويله ، لأنَّه لا يلزمُ مِنْ أمره إيَّاهم بذلك أن يأخُذُوا ، بدليل عصيانِ بعضهم له في ذلك ، فإنَّ شَرْطَ ذلك انحلال الجملتين إلى شرطٍ وجزاءٍ . وقيل : الجزمُ على إضمار اللاَّمِ تقديره : ليأخُذُوا ؛ كقوله : [ الوافر ] @ 2570 - مُحَمَّدُ تَفْدِ نَفْسَكَ كُلُّ نَفْسٍ إذَا مَا خِفْتَ مِنْ أمْر تبالاَ @@ وهو مذهبُ الكسائي . وابن مالك يرى جوازه إذا كان في جواب " قُلْ " ، وهنا لم يُذْكَرْ " قُلْ " ، ولكن ذُكر شيءٌ بمعناه ؛ لأنَّ معنى " وأمُرْ " و " قُلْ " واحد . قوله : " بِأحْسَنِهَا " يجوزُ أن يكونَ حالاً كما تقدَّم في : " بِقُوَّةٍ " ، وعلى هذا فمفعولُ " يَأخُذُوا " محذوفٌ تقديرُه : يَأخُذُوا أنفسهم ، ويجُوزُ أن تكون الباء زائدة ، وأحسنها مفعول به ، والتقديرُ : يأخُذُوا أحسنها كقوله : [ البسيط ] @ 2571 - … سُودُ المَحَاجِرِ لا يَقْرَأنَ بالسُّوَرِ @@ وقد تقدَّم تحقيقه في قوله تعالى : { وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى ٱلتَّهْلُكَةِ } [ البقرة : 195 ] . و " أحسن " يجوز أن تكون للتَّفضيل على بابها ، وأن لا تكون بل بمعنى " حَسَنَة " . كقول الفرزدق : [ الكامل ] @ 2572 - إنَّ الذي سَمَكَ السَّماءَ بَنَى لَنَا بَيْتاً دَعَائِمُهُ أعَزُّ وأطْوَلُ @@ أي : عزيزةٌ طويلةٌ . فإن قيل : إنَّه تعالى لمَّا تعهد بكلِّ ما في التَّوراة ، وجب أن يكون الكلُّ حسناً . وقوله : { يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا } يقتضي أن يكون فيه ما ليس بأحسن ، وأنَّهُ لا يجوزُ لهم الأخذ به وهو متناقض . وأجابُوا بوجوه : منها : أنَّ تلك التَّكاليفَ منها ما هو حسن ، ومنها ما هو أحسن كالقصاص والعفو ، والانتصار ، والصبر ، أي : فمرهم أن يأخُذُوا بالأفضل فإنَّه أكثر ثواباً ، لقوله : { وَٱتَّبِعُـوۤاْ أَحْسَنَ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُـم } [ الزمر : 55 ] وقوله : { ٱلَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ ٱلْقَوْلَ فَيَـتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ } [ الزمر : 18 ] . قالوا : فيحمل الأخذ بالأحسن على النَّدب . ومنها : قال قُطْرُبٌ : { يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا } أي : بحسنها ، وكلها حسن ؛ كقوله تعالى : { وَلَذِكْرُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ } [ العنكبوت : 45 ] وأنشد بيت الفرزدق المتقدم . ومنها : أن الحسن يدخلُ تحته الواجب ، والمندوب ، والمباح وأحسن هذه الثلاثة : الواجبُ ، والمندوبُ . قوله : { سَأُوْرِيكُمْ دَارَ ٱلْفَاسِقِينَ } جَوَّزُوا في الرُّؤية هنا أن تكون بصريَّةً ، وهو الظَّاهِرُ فتتعدَّى لاثنين ، أحدهما : ضمير المخاطبين ، والثاني : دَارَ . والثاني : أنَّها قلبية ، وهو منقولٌ عن ابن زيد وغيره ، والمعنى : سأعْلِمُكُمْ سَيْرَ الأولين وما حَلَّ بهم من النَّكَالِ : وقيل : " دَارَ الفاسِقِينَ " ما دَارَ إليه أمرهم ، وذلك لا يُعْلم إلا بالإخبار والإعلام . قال ابْنُ عطيَّة - معترضاً على هذا الوجه - : ولَوْ كَانَ من رؤية القلب ، لتعدَّى بالهمزة إلى ثلاثةِ مفاعيل . ولو قال قائل : المفعولُ الثالثُ يتضمنه المعنى ، فهو مُقَدَّرٌ أي : مذمومة أو خربة أو مُسَعَّرة - على قول من قال : إنَّهَا جهنم - قيل له : لا يَجُوزُ حذفُ هذا المفعولِ ، ولا الاقتصارُ دُونَهُ ، لأنَّهَا داخلةٌ على الابتداءِ والخبرِ ، ولو جُوِّزَ لكان على قبح في اللِّسان ، لا يليق بكتاب الله تعالى . قال أبُو حيان : " وحَذْفُ المفعُول الثَّالث في باب " أعْلَمَ " لدلالة المعنى عليه جائزٌ ، فيجوزُ في جواب : هل أعلمتَ زَيْداً عمراً منطلقاً ؟ أعلمتُ زيداً عمراً ، وتحذف " منطلقاً " لدلالة الكلام السَّابق عليه " . فصل قال شهابُ الدِّين : هذا مُسَلَّمٌ ، لكن أيْنَ الدَّليل عليه في الكلام ، كما في المثال الذي أبرزه الشَّيْخُ ؟ ثم قال : " وأمَّا تَعْليلُهُ بأنَّهَا داخلةٌ على الخَبَرِ لا يدلُّ على المنع ، لأنَّ خبر المبتدأ يجوزُ حَذْفُهُ اختصاراً ، والثانِي ، والثَّالِثُ في باب " أعْلَمَ " يَجُوزُ حذفُ كُلٍّ منهما اختصاراً " . قال شهابُ الدِّين : " حذفُ الاختصار لدليلٍ ، ولا دليلَ هُنَا " . ثم قال : " وفي قوله لأنَّهَا - أي : " سَأريكُمْ " - داخلةٌ على المبتدأ ، والخبر تجوُّزٌ " ويعني أنَّها قبل النَّقْل بالهمزة داخلة على المبتدأ والخبر . وقرأ الحسن : " سَأوريكُمْ " بواو خالصة بعد الهمزة وفيها تخريجان : أحدهما قاله الزمخشريُّ - : " وهي لغةٌ فاشية بالحجاز يُقَالُ : أوْرَنِي كَذَا وأوْرَيْتُهُ ، فوجهه أن يكون من أوْرَيْتُ الزَّنْدَ ، فإن المعنى : بَيِّنْهُ لي وأنِزْهُ لأستبينَه " . والثاني : - ذكره ابنُ جنيٍّ - وهو أنَّهُ على الإشباع ، فيتولَّد منها الواو ، قال " وناسَبَ هذا كونُهُ موضعَ تهديدٍ ووعيدٍ فاحتمل الإتيان بالواو " . قال شهابُ الدِّين : وهذا كقول الشاعر : [ البسيط ] @ 2573 - اللَّهُ يَعْلَمُ أنَّا فِي تَلَفُّتِنَا يَوْمَ اللِّقاءِ إلى أحْبَابِنَا صُورُ وأنَّنِي حَيْثُمَا يُثْني الهَوَى بَصَرِي مِنْ حَيْثُمَا سَلَكُوا أدْنُو فأنْظُورُ @@ لكن الإشباعَ بابُهُ الضَّرُورَةُ عند بعضهم . وقرأ ابنُ عبَّاسٍ ، وقسامة بن زيد " سَأورثُكُمْ " قال الزمخشريُّ : وهي قراء حسنةٌ ، يصحِّحُهَا قوله تعالى : { وَأَوْرَثْنَا ٱلْقَوْمَ } [ الأعراف : 137 ] . فصل في قوله : { سَأُوْرِيكُمْ دَارَ ٱلْفَاسِقِينَ } وجهان : الأول : أنَّ المُرادَ به التهديدَ والوعيد وعلى هذا ففيه وجهان : أحدهما : قال ابن عباس والحسنُ ومجاهدٌ : هي : جهنم وهي مصيرهم في الآخرة ، فاحْذَرُوا أن تكونوا منهم . وثانيهما : قال قتادةُ وغيره : سأدخلكم الشَّام ؛ فأريكم منازل القُرُون الماضيةِ مثل الجبابرةِ ، والعمالقةِ ، ومنازل عادٍ وثَمُودَ الذين خالفُوا أمْرَ اللَّهِ لتعتبروا بها . الوجه الثاني : المُرَادُ به الوعد والبشارة بأنَّ الله تعالى سيوِّرثُهم أرض أعدائهم وديارهم وهي أرض مصر ، قالهُ عطيةُ العوفيُّ ؛ ويدلُّ عليه قراءة قسامة . وقال السُّدِّيُّ : هي مصارع الكفار .