Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 39-39)
Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : " وَقَالَتْ أُولاَهُمْ " أي في ترك الكُفْرِ والضَّلال وإنَّا متشاركون في استحقاق العذاب . فإن قيل : إن هذا منهم كذب ؛ لأنَّهُمْ لكونهم رؤساء سادة وقادة ، قد دعوا إلى الكُفْرِ والتَّرغيب فيه ، فكانُوا ضالِّين مضلّين ، وأمَّا الأتباع والضَّعفاء وإن كانوا ضَالين إلاَّ أنَّهُم ما كانوا مضلّين ، فبطل قولهم : إنَّهُ لا فضل للأتباع على الرُّؤساء في تَرْكِ الضَّلال والكُفْرِ . فالجواب : أنَّ أقصى ما في الباب أنَّهم كذبوا في هذا القول يوم القيامة ، وعندنا أنَّ ذلك جائز كما قرّرناه في سورة الأنعام في قوله : { ثُمَّ لَمْ تَكُن فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } [ الأنعام : 23 ] . قوله : " فما " : هذه الفاء عاطفة هذه الجملة المنفيّة على قول الله تعالى للسَّفلة : " لِكُلٍّ ضِعْفٌ " أي : فقد ثَبَتَ أنَّ لا فضل لكم علينا ، وأنا متساوون في استحقاق الضِّعف فذوقوا . قال أبُو حَيَّان - بعد أنْ حكى بعض كلام الزَّمخشري - : والذي يظهر أنَّ المعنى انتفاء كون فضل عليهم من السَّفلة في الدُّنيا بسبب اتباعهم إيَّاهم ، وموافقتهم لهم في الكُفْرِ أي : اتِّباعُكم إيّانا ، وعدم اتِّباعكم سواء ؛ لأنَّكُم كنتم في الدُّنيا عندنا أقلَّ من أن يكون لكم عيلنا فضل بأتِّباعكم ، بل كفرتم اختياراً ، لا أنَّا حملْنَاكم على الكُفْرِ إجباراً ، وأنَّ قوله : " فَمَا كَانَ " جملة معطوفة على جُمْلَةٍ محذُوفَةٍ بعد القَوْلِ دَلَّ عليها ما سبق من الكلام ، والتَّقديرُ ، قالت أولاهم لأخراهم : ما دعاؤكم اللَّه أنَّا أضللناكم وسؤالكم ما سألتم ، فما كان لكم علينا من فضلٍ بضلالكم ، وأنَّ قوله : " فَذُوقُوا " من كلام الأولى خِطَاباً للأخرى على سبيل التشفِّي ، وأن ذَوْقَ العذاب هو بسبب ما كَسَبْتُمْ لا بأنَّا أضْلَلْنَاكُم . وقيل : فذوقوا من خطاب الله لهم . و " بِمَا " " الباء " سببية ، و " مَا " مصدرية ، أو بمعنى " الَّذي " ، والعائد محذوف أي : تكسبونه .