Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 84-84)
Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : " وأمْطَرْنَا " قال أبو عُبَيْدٍ : " يقال : مُطِر في الرحمة ، وأمْطِر في العذاب " . وقال [ أبو القاسم ] الرَّاغِبُ : ويقال : مطر في الخير ، وأمطر في العذاب ، قال تعالى : { وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً } [ الحجر : 74 ] . وهذا مردود بقوله تعالى : { هَـٰذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا } [ الأحقاف : 24 ] فإنهم إنَّمَا عنوا بذلك الرحمة ، وهو من أمْطَرَ : رباعياً ، ومطر وأمْطَرَ بمعنًى واحد يتعدّيان لواحد ، يقال مطرتهم السَّماءُ وأمْطرتهم ، وقوله تعالى هنا : " وأمْطَرْنا " ضُمِّن معنى " أرْسَلْنَا " ولذلك عُدِّي بـ " عَلَى " ، وعلى هذا فـ " مَطَراً " مفعولٌ به لأنَّهُ يُراد به الحجارة ، ولا يُرَادُ به المصدر أصلاً ، إذ لو كان كذلك لقيل : أمطار . ويوم مَطِيرٌ : أي : مَمْطُورٌ . ويوم ماطر ومُمْطِرٌ على المجاز كقوله : { فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ } [ إبراهيم : 18 ] ، ووادٍ مطير فقط فلم يُتَجَوَّزْ فيه ومطير بمعنى مُمْطِر ؛ قال : [ الطويل ] @ 2517 - حَمَامَةَ بَطْنِ الوَاديَيْنِ تَرَنَّمِي سَقَاكِ من الغُرِّ الغَوَادِي مَطِيرُهَا @@ فعيل هنا بمعنى فاعل ؛ لأنَّ السَّحاب يمطرُ غيرها ، ونكَّر " مطراً " تعظيماً ، والمرادُ بالمطر هنا يعني حجارة من سجيل . قال وهب : " هي الكبريت والنَّار فانظر كَيْفَ كان عاقِبةُ المجرمين " . فصل في إيجاب اللواط الحد اللِّوَاط يوجب الحد ، وهذه الآية تدلُّ عليه من وجوه : الأول : أنَّهُ ثبت في شريعةِ لُوطٍ رجم اللوطيّ ، والأصل بقاء ما ثبت إلى أنْ يرد الناسخ ، ولم يرد في شرع مُحَمَّدٍ - عليه الصلاة والسلام - ما ينسخه ، فوجب الحكم ببقائه . الثاني : قوله تعالى : { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ ٱقْتَدِهْ } [ الأنعام : 90 ] . الثالث : قوله تعالى : { فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُجْرِمِينَ } . والمرادُ من هذه العاقبة ما سبق ذكره من إنْزالِ الحجر عليهم من المجرمين الذين يعملون عمل قوم لوط ؛ لأنَّ ذلك هو المدلول السابق ، فينصرف إليه ذكر الحكم عقيب الوَصْفِ مشعراً بالعليَّة . وقال أبو حنيفة : " اللِّوَاطُ لا يوجب الحدَّ " . واختلفوا في حدّ اللاَّئط : فقال بعضهم : " يُرجم مُحْصَناً كان ، أو غير محصن ، وكذلك المفعول به إن كان محتلماً " . وقال بعضهم : " إنْ كان محصناً رجم ، وإن كان غير محصن أدّب وحبس " . وقال أبو حنيفة : يُعزَّر ، [ وحجة الجمهور أن الله تعالى ] عذب قوم لوط بالرجم وقال عليه الصَّلاة والسَّلامُ : " مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَل عَمَلَ قَوْمِ لوطٍ فاقْتُلُوا الفاعلَ والمَفْعُولَ بِهِ " . وروي عن أبي بكر الصديق أنَّهُ حَرَّقَ رجُلاً يُسَمّى الفُجَاءَة حين عمل عمل قوم لوط بالنَّار ، وأحرقهم ابن الزُّبير في زمانه ، ثم أحرقهم هِشامُ بنُ الوليدِ ، ثم أحرقهم خالد القَسْريُّ بـ " العراق " . وروي أن سبعة أخذوا في زمان ابن الزُّبير في لواط ، فسألَ عنهم ، فوجد أرْبَعةً منهم أحصنوا ، فخرج بهم من الحرم ، فرُجموا بالحجارة حتى ماتوا ، وحد الثلاثة ، وعنده ابن عباس وابن عمر فلم ينكرا ، وهذا مذهب الشافعي . قال ابن العربيِّ : الأوَّلُ أصحُّ سنداً وهو مذهب مالك . فإن أتى البهيمة قيل : يقتل هو والبهيمة . وقيل : يقتل دون البهيمة .