Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 2-2)
Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ } الآية . لمَّا بيَّن أن الإيمان لا يحصل إلا بالطاعة قال : { إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ } يقال : " وَجِلَ " الماضي بالكسر " يَوْجَلُ " بالفتح ، وفيه لغة أخرى ، قُرىء بها في الشَّاذ وجَلَتْ بفتح الجيم في الماضي وكسرها في المضارع ، فتحذف الواو ، كـ : وعَدَ يَعِدُ ، ويقال في المشهورة : وجِلَ يَوْجَل ، ومنهم من يقول " يَاجَلُ " بقلب الواو ألفاً ، وهو شاذٌّ ؛ لأنَّه قلْبُ حرفِ العلّة بأحد السَّببينِ وهو انفتاحُ ما قبل حرفِ العلَّةِ دون تحركه وهو نظيرُ " طَائِيٍّ " في النَّسب إلى " طَيِّىء " . ومنهم من يقول : " يبجَلُ " بكسر حرف المضارعة ، فتقلب الواوُ ياءً ، لسكونها وانكسار ما قبلها ، وقد تقدَّم في أول الكتاب أنَّ من العرب من يكسرُ حرف المضارعةِ بشروطٍ منها : أن لا يكون حرفُ المضارعة ياءً إلاَّ في هذه اللَّفظةِ ، وفي أبي يِئْبَى . ومنهم من ركَّب من هاتين اللغتين لغةً أخرى وهي فتحُ الياء وقلبُ الواو ياءً ، فقال " يَيْجَلُ " فأخذ قلب الواو ممَّن كسر حرف المضارعة ، وأخذ فتحَ الياءِ من لغة الجمهور . والوَجَلُ : الفزَعُ . وقيل : استشعارُ الخوف يقال منه : وجِلَ يُوْجَلُ ، ويَاجَلُ ، ويَيْجَلُ ، ويِيجَلُ ، وَجَلاً فهو وَجِلٌ . فصل معنى الآية : إنَّما المؤمنون الصَّادقون في إيمانهم : { الذين إذا ذُكر اللهُ وجلتْ قلوبُهمْ } خافت وفرقت ، وقيل : إذا خوفوا باللَّهِ انقادُوا خوفاً من عقابه . { وإذا تُليَتْ عليهم آياتُهُ زادتهم إيماناً } وتصديقاً ويقيناً ، قال عمر بن حبيب وكانت له صحبة : إن للإيمان زيادةً ونقصاناً ، قيل فما زيادته ؟ قال : إذا ذكرنا الله وحمدناه فذلك زيادته ، وإذا سهونا وغفلنا فذلك نقصانه . وكتب عمرُ بن عبد العزيز إلى عدي بن عدي : " إنَّ للإيمان فرائضَ وشرائعَ وحدوداً وسنناً ، فمن استكملها استكمل الإيمان ، ومن لم يستكملها لم يستكمل الإيمان " . ثم قال : { وعلى ربِّهم يتوكَّلون } يفوضون إليه أمورهم ، ويثقون به ، ولا يرجون غيره ، فالتَّقديمُ يفيدُ الاختصاص ، أي : عليه لا على غيره ، وهذه الجملةُ يحتمل أن يكونَ لها محلٌّ من الإعراب ، وهو النَّصْبُ على الحالِ من مفعول : زادَتْهُم ، ويحتمل أن تكون مستأنفة ، ويحتمل أن تكون معطوفة على الصِّلةِ قبلها ، فتدخل في حيِّز الصلاتِ المتقدِّمةِ . وعلى الوجهين فلا محلَّ لها من الإعراب .