Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 15, Ayat: 53-58)

Tafsir: Naẓm ad-durar fī tanāsub al-ayāt wa-s-suwar

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ولما أخبر أنه أخبرهم بوجله منهم ، تشوف السامع إلى جوابهم فقال : { قالوا } مريدين أمنه : { لا توجل } والوجل : اضطراب النفس لتوقع ما يكره ؛ ثم عللوا ذلك بقولهم مؤكدين لقلع ما في نفسه من الوجل المنافي للبشرى { إنا نبشرك بغلام } أي ولد ذكر هو في غاية القوة وليس هو كأولاد الشيوخ ضعيفاً . ولما كان خوفه لخفاء أمرهم عليه ، كان للوصف بالعلم في هذا السياق مزيد مزية فقالوا : { عليم * } فكأنه قيل : فما قال ؟ فقيل : { قال } مظهراً للتعجب إرادة تحقيق الأمر وتأكيده : { أبشرتموني } أي بذلك { على أن مسني الكبر } أي الذي لا حركة معه يأتي منها ولد ، أم على أن أعود شاباً ؟ ولذلك سبب عنه قوله : { فبم تبشرون * } بينوا لي ذلك بياناً شافياً { قالوا بشرناك بالحق } أي الأمر الثابت المقطوع به الواقع لا محالة الذي يطابق خبرنا { فلا تكن } أي بسبب تبشيرنا لك بالحق { من القانطين * } أي الآئسين الذين ركنوا إلى يأسهم ، لقولك نحو أقوالهم . فلما ألهبوه بهذا النهي { قال } منكراً لأن يكون من القانطين : { ومن يقنط } أي ييأس هذا اليأس { من رحمة ربه } أي الذي لم يزل إحسانه دارّاً عليه { إلا الضالون * } أي المخطئون طريق الاعتقاد الصحيح في ربهم من تمام القدرة وأنه لا تضره معصية ولا تنفعه طاعة ، وهذا إشارة إلى أنه ما كان قانطاً ، وإنما كان مريداً لتحقيق الخبر ، وفي هذا تلويح إلى أمر المعاد . فلما تحقق البشرى ورأى إتيانهم مجتمعين على غير الصفة التي يأتي عليها الملك للوحي ، وكان هو وغيره من العارفين بالله عالمين بأنه ما تنزل الملائكة إلا بالحق ، كان ذلك سبباً لأن يسألهم عن أمرهم ليزول وجله كله ، فلذلك { قال فما } بفاء السبب { خطبكم } قال أبو حيان : والخطب لا يكاد يقال إلا في الأمر الشديد - انتهى . وقال الرماني : إنه الأمر الجليل { يا أيها المرسلون * } فإنكم ما جئتم إلا لأمر عظيم يكون فيصلاً بين هالك وناج { قالوا إنا } ولما كان عالماً بمرسلهم ، بنوا للمفعول قولهم : { أرسلنا } أي بإرسال العزيز الحكيم الذي أنت أعرف الناس في هذا الزمان به { إلى قوم } أي ذوي منعة { مجرمين } أي عريقين في الإجرام كلهم .