Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 29-32)
Tafsir: Naẓm ad-durar fī tanāsub al-ayāt wa-s-suwar
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ولما كان هذا الفعل مع هذا العلم سبباً لدخول جهنم من غير أن يقام لهم وزن ، لأنه لا وزن لما ضيع أساسه ، قال معقباً مسبباً : { فادخلوا } أي أيها الكفرة { أبواب جهنم } أي أبواب طبقاتها ودركاتها { خالدين } أي مقدرين الخلد { فيها } أي في جهنم التي دأبها تجهم من دخلها . ولما كان هذا المقام للمشاققة . وكان أمرها زائد القباحة . كان هذا الدخول أقبح دخول ، وكان سبباً لأن يقال : { فلبئس } بالأداة الجامعة لمجامع الذم { مثوى المتكبرين * } على وجه التأكيد وبيان الوصف الذي استحقوا به ذلك ، لتقدم كذبهم في قولهم { ما كنا نعمل من سوء } تعريضاً بأنهم جديرون - لغاية ما لهم من البلادة - أن يستحسنوا النار كما كذبوا مع العلم التام بأنه لا يروج في ذلك اليوم كذب . ولما تم الخبر عن المنكر لما أنزل الله على ألسنة الملائكة من الروح من أمره على الأنبياء عليهم السلام ، إنكاراً لفضلهم وتكبراً بما ليس لهم ، بالاعتراض على خالقهم ، ابتدأ الخبر عن المقرين تصديقاً لهداتهم واعترافاً بفضلهم وتسليماً لمن هم عبيده في تفضيل من يشاء ، منبهاً على الوصف الذي أوجب لهم الاعتراف بالحق ، فقال حاذفاً لـ " إذا " دلالة على الرضى بأيسر شيء من الخير والمدح عليه ولو لم يتكرر : { وقيل للذين اتقوا } أي خافوا عقاب الله { ماذا } أي أي شيء { أنزل ربكم } أي المحسن إليكم من روحه المحيي للأرواح ، على رسوله { قالوا } معترفين بالإنزال ، غير متوقفين في المقال ، فاهمين أن ذا مؤكدة للاستفهام لا بمعنى الذي : أنزل { خيراً } وإنما أطبق القراء على نصب هذا ورفع الأول فرقاً بين جوابي المقر والجاحد بمطابقة المقر بين الجواب والسؤال ، وعدول الجاحد بجوابه عن السؤال ؛ ثم أخذ يرغب بما لهم من حسن المآل على وجه الجواب لسؤال من كأنه قال : ما لهم على ذلك ؟ فقيل مظهراً موضع الإضمار مدحاً لهم وتعميماً لمن اتصف بوصفهم : { للذين أحسنوا } فبين أن اعترافهم بذلك إحسان ؛ ثم أخبر عنه بقوله : { في هذه الدنيا حسنة } أي جزاء لهم على إحسانهم { هل جزاء الإحسان إلا الإحسان } [ الرحمن : 60 ] . ولما كانت هذه الدار سريعة الزوال ، أخبر عن حالهم في الآخرة فقال : { ولدار الآخرة خير } أي جزاء ومصيراً ؛ ثم مدحها ومدحهم بقوله تعالى : { ولنعم دار المتقين * } أي هي ، مرغباً في الوصف الذي كان سبب حيازتهم لها ، وهو الخوف المنافي لما وصف به الأشرار من الاستكبار ، بإظهاره موضع الإضمار وحذف المخصوص بالمدح لتقدم ما يدل عليه ، وهو صالح لتقدير الدنيا - أي لمن عمل فيها بالتقوى - ولتقدير الآخرة ، وهو واضح . ولما كان هذا المدح مشوفاً لتفصيل ذلك قيل : { جنّات عدن } أي إقامة لا ظعن فيها { يدخلونها } حال كونها { تجري من تحتها } أي من تحت غرفها { الأنهار } ثم أجيب من كأنه سأل عما فيها من الثمار وغيرها بقوله تعالى : { لهم فيها } أي خاصة ، لا في شيء سواها من غير أن يجلب إليهم من غيرها { ما يشاؤون } ثم زاد في الترغيب بقوله : { كذلك } أي مثل هذا الجزاء العظيم { يجزي الله } أي الذي له الكمال كله { المتقين * } أي الراسخين في صفة التقوى ، ثم حث على ملازمة التقوى بالتنبيه على أن العبرة بحال الموت ، فقال تعالى : { الذين تتوفّاهم } أي تقبض أرواحهم وافية من نقص شيء من الروح أو المعاني - بما أشار إليه إثبات التاءين والإظهار { الملائكة طيبين } أي طاهرين من ظلم أنفسهم بالكفر متحلين بحلية الإيمان ، فكأنه قيل : ماذا تقول لهم الملائكة ؟ فقيل : { يقولون } أي مكررين للتأكيد تسكيناً لما جبلوا عليه من تعظيم جلال الله بالتقوى { سلام عليكم } ويقال لهم لتحقق فوزهم { ادخلوا الجنة } أي دار التفكه التي لا مثل لها { بما كنتم } أي جبلة وطبعاً { تعملون * } ترغيباً لهم في الأعمال التي لا يستطيعونها إلا برحمة الله لهم بتوفيقهم لها .