Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 38-41)

Tafsir: Naẓm ad-durar fī tanāsub al-ayāt wa-s-suwar

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ولما أنكر على صاحبه ، أخبر عن اعتقاده بما يضاد اعتقاد صاحبه ، فقال مؤكداً لأجل إنكار صاحبه مستدركاً لأجل كفرانه : { لكنا } لكن أنا . ولما كان سبحانه لا شيء أظهر منه ولا شيء أبطن منه ، أشار إلى ذلك جميعاً بإضماره قبل الذكر فقال تعالى : { هو } أي الظاهر أتم ظهور فلا يخفى أصلاً ، ويجوز أن يكون الضمير للذي خلقك { الله } أي المحيط بصفات الكمال { ربي } وحده ، لم يحسن إليّ خلقاً ورزقاً أحد غيره ، هذا اعتقادي في الماضي والحال { ولا أشرك بربي } المحسن إليّ في عبادتي { أحداً * } كما لم يشاركه في إحسانه إليّ أحد ، فإن الكل خلقه وعبيده ، وأنى يكون العبد شريكاً للرب ! فإني لا أرى الغنى والفقر إلا منه ، وأنت - لما اعتمدت على مالك - كنت مشركاً به . ولما كان المؤمنون على طريق الأنبياء في إرادة الخير والإرشاد إلى سبيل النجاة وعدم الحقد على أحد بشر أسلفه وجهل قدمه ، قال له مصرحاً بالتعليم بعد أن لوح له به فيما ذكره عن نفسه مما يجب عليه : { ولولا إذ } أي وهلا حين { دخلت جنتك قلت } ما يدل على تفويضك الأمر فيها وفي غيرها إلى الله تعالى كما تقدم الإرشاد إليه في آية { ولا تقولن لشي } [ الكهف : 23 ] تاركاً للافتخار بها ، ومستحضراً لأن الذي وهبكها قادر على سلبك إياها ليقودك ذلك إلى التوحيد وعدم الشرك ، فلا تفرح بها ولا بغيرها مما يفنى لأنه لا ينبغي الفرح إلا بما يؤمن عليه بالزوال { ما شاء الله } أي الذي له الأمر كله ، كان ، سواء كان حاضراً أو ماضياً أو مستقبلاً ، ولذلك أعراها عن الجواب ، لا ما يشاؤه غيره ولا يشاؤه هو سبحانه ؛ ثم علل ذلك بقوله تعالى : { لا قوة } أي لأحد على بستان وغيره { إلا بالله } أي المتوحد بالكمال ، فلا شريك له ، وأفادت هذه الكلمة إثبات القوة لله وبراءة العبد منها ، والتنبيه على أنه لا قدرة لأحد من الخلق إلا بتقديره ، فلا يخاف من غيره ، والتنبيه على فساد قول الفلاسفة في الطبائع من أنها مؤثرة بنفسها . ولما قدم ما يجب عليه في نفسه منبهاً به لصاحبه ، ثم ما يجب عليه من التصريح بالإرشاد في أسلوب مقرر أن الأمر كله لله ، لا شيء لأحد غيره ، أنتج قوله تعالى : { إن ترن } أي أيها المفتخر بما له عليّ ! { أنا } ولما ذكر ضمير الفصل ، ذكر مفعول ( ترى ) الثاني فقال : { أقل منك } وميز القليل بقوله : { مالاً وولداً * } أي من جهة المال والولد الذي هو أعز نفر الإنسان . ولما أقر هذا المؤمن بالعجز والافتقار ، في نظير ما أبدى الكافر من التقوى والافتخار ، سبب عن ذلك ما جرت به العادة في كل جزاء ، داعياً بصورة التوقع فقال تعالى : { فعسى ربي } المحسن إليّ { أن يؤتين } من خزائن رزقه { خيراً من جنتك } فيحسن إليّ بالغنى كما أحسن إليّ بالفقر المقترن بالتوحيد ، المنتج للسعادة { ويرسل عليها } أي جنتك { حسباناً } أي مرامي من الصواعق والبرد الشديد { من السماء } . ولما كانت المصابحة بالمصيبة أنكى ما يكون ، قال تعالى : { فتصبح } بعد كونها قرة للعين بما تهتز به من الأشجار والزروع { صعيداً زلقاً * } أي أرضاً يزلق عليها لملاستها باستئصال نباتها ، فلا ينبت فيها نبات ، ولا يثبت فيها قدم { أو يصبح ماؤها غوراً } وصف بالمصدر لأنه أبلغ { فلن تستطيع } أنت { له طلباً * } .