Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 42-44)

Tafsir: Naẓm ad-durar fī tanāsub al-ayāt wa-s-suwar

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ولما كان من المعلوم أن هذا المؤمن المخلص بعين الرضى ، كان من المعلوم أن التقدير : فاستجيب لهذا الرجل المؤمن ، أو : فحقق له ما توقعه فخيب ظن المشرك ، فعطف عليه قوله : { وأحيط } أي أوقعت الإحاطة بالهلاك ، بني للمفعول لأن الفكر حاصل بإحاطة الهلاك من غير نظر إلى فاعل مخصوص ، وللدلالة على سهولته { بثمرة } أي الرجل المشرك ، كله فاستؤصل هلاكاً ما في السهل منه وما في الجبل ، وما يصبر منه على البرد والحر وما لا يصبر { فأصبح يقلب كفيه } ندماً ، ويضرب إحداهما على الأخرى تحسراً { على ما أنفق فيها } لعمارتها ونمائها { وهي خاوية } أي ساقطة مع الخلو { على عروشها } أي دعائمها التي كانت تحملها فسقطت على الأرض وسقطت هي فوقها { ويقول } تمنياً لرد ما فات لحيرته وذهول عقله ودهشته : { يا ليتني } تمنياً لاعتماده على الله من غير إشراك بالاعتماد على الفاني { لم أشرك بربي أحداً * } كما قال له صاحبه ، فندم حيث لم ينفعه الندم على ما فرط في الماضي لأجل ما فاته من الدنيا ، لا حرصاً على الإيمان لحصول الفوز في العقبى ، لقصور عقله ووقوفه مع المحسوسات المشاهدات { ولم تكن له فئة } أي جماعة لا من نفره الذين اعتز بهم ولا من غيرهم { ينصرونه } مما وقع فيه { من دون الله } أي بغير عون من الملك الأعظم { وما كان } هو { منتصراً * } بنفسه ، بل ليس الأمر في ذلك إلا لله وحده . ولما أنتج هذا المثل قطعاً أنه لا أمر لغير الله المرجو لنصر أوليائه بعد ذلهم ، ولإغنائهم بعد فقرهم ، ولإذلال أعدائه بعد عزهم وكبرهم ، وإفقارهم بعد إغنائهم وجبرهم ، وأن غيره إنما هو كالخيال لا حقيقة له ، صرح بذلك في قوله تعالى : { هنالك } أي في مثل هذه الشدائد العظيمة { الولاية } أي النصرة - على قراءة الفتح ، والسلطان - على الكسر ، وهي قراءة حمزة والكسائي ، والفتح لغيرهما ، وهما بمعنى واحد ، وهو المصدر كما صدر به في القاموس . { لله } أي الذي له الكمال كله { الحق } أي الثابت الذي لا يحول يوماً ولا يزول ، ولا يغفل ساعة ولا ينام ، ولا ولاية لغيره بوجه - هذا على قراءة الجماعة بالجر على الوصف وهو في قراءة أبي عمرو والكسائي بالرفع على الاستئناف والقطع تقليلاً ، تنبيهاً على أن فزعهم في مثل هذه الأزمات إليه دون غيره برهان قاطع على أنه الحق وما سواه باطل ، وأن الفخر بالعرض الزائل من أجهل الجهل ، وأن المؤمنين لا يعيبهم فقرهم ولا يسوغ طردهم لأجله ، وأنه يوشك أن يعود فقرهم غنى وضعفهم قوة . ولما علم من ذلك من أنه آخذ بأيدي عبيدة الأبرار وعلى أيدي عصاته الأشرار ، قال تعالى : { هو خير ثواباً } لمن أثابه { وخير عقباً * } أي عاقبة عظيمة ، فإن فعلا - بضمه وبضمتين - من صيغ جموع الكثرة فيفيده ذلك مبالغة وإن لم يكن جمعاً ، والمعنى أنه أي ثوابه لأوليائه خير ثواب وعقباه خير عقبى .