Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 109-112)

Tafsir: Naẓm ad-durar fī tanāsub al-ayāt wa-s-suwar

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ولما تقرر ما للأصوات من الانخفات ، وكان قد أشير فيما مضى إلى وقوع الشفاعة من بعض أخصائه بإذنه ، وكان الحشر للحساب بمعرض التقريب لبعض والتبعيد لبعض ، وكانت العادة جارية بأن المقرب يشفع للمبعد ، لما بين أهل الجمع من الوصل والأسباب المقتضية لذلك ، وكان الكفار يزعمون أن آلهتهم تشفع لهم قال نافياً لأن تقع شفاعة بغير إذنه ، معظماً ذلك اليوم بالإنذار منه مرة بعد مرة : { يومئذ } أي إذ كان ما تقدم { لا تنفع الشفاعة } أي لا تكون شفاعة ليكون لها نفع ، لأنه قد ثبت بما مضى أنه لا صوت ، وتقرر في تحقيق المحصورات من علم الميزان أن السالبة الحقيقية لا تستدعي وجود الموضوع في الخارج ، وإنما حول العبارة لأن المقصود بالذات النفع ، فنفيه بادىء بدا أفظع ، وقرع السمع به أولاً أهول وأفزع { إلا } أي إلا شفاعة { من أذن له الرحمن } العام النعمة { ورضي له قولاً * } ولو الإيمان المجرد . ولما نفي أن تقع الشفاعة بغير إذنه ، علل ذلك - كما سلف في آية الكرسي - بقوله : { يعلم ما بين أيديهم } أي الخلائق وهو كل ما يعلمونه { وما خلفهم } وهو كل ما غاب عنهم علمه ، أي علمه سبحانه محيط بهم ، فهو يمنع قلوبهم في ذلك اليوم بما يوجد من الأسباب أن تهم بما لا يرضاه { ولا يحيطون به علماً * } ليحترزوا عما يقدره عليهم ، و { علماً } تمييز منقول من الفاعل ، أي ولا يحيط علمهم به - قال أبو حيان . والأقرب عندي كونه منقولاً عن المفعول الذي تعدى إليه الفعل بحرف الجر ، أي ولا يحيطون بعلمه ، فيكون ذلك أقرب إلى ما في آية الكرسي . ولما ذكر خشوع الأصوات ، أتبعه خضوع دونها فقال : { وعنت الوجوه } أي ذلت وخضعت واستسلمت وجوه الخلائق كلهم ، وخصها لشرفها ولأنها أول ما يظهر فيه الذل { للحي } الذي هو مطلع على الدقائق والجلائل ، وكل ما سواه جماد حيث ما نسبت حياته إلى حياته { القيوم } الذي لا يغفل عن التدبير ومجازاة كل نفس بما كسبت { وقد خاب } أي خسر خسارة ظاهرة { من حمل } منهم أو من غيرهم { ظلماً * } . ولما ذكر الظالم ، أتبعه الحكيم فقال : { ومن يعمل } ولما كان الإنسان محل العجز وإن اجتهد ، قال { من الصالحات } أي التي أمره الله بها بحسب استطاعته ، لأنه " لن يقدر الله أحد حق قدره " " ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه " { وهو مؤمن } ليكون بناؤها على الأساس ، وعبر بالفاء إشارة إلى قبول الأعمال وجعلها سبباً لذلك الحال فقال : { فلا يخاف ظلماً } بأن ينسب إليه سوء لم يقترفه لأن الجزاء من جنس العمل ، وقراءة ابن كثير بلفظ النهي محققة للمبالغة في النفي { ولا هضماً } أي نقصاً من جزائه وإن كان هو لم يوف المقام حقه لأنه لا يستطيع ذلك ، وأصل الهضم الكسر ، وأما غير المؤمن فلو عمل أمثال الجبال من الأعمال لم يكن لها وزر .