Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 95-97)
Tafsir: Naẓm ad-durar fī tanāsub al-ayāt wa-s-suwar
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ولما فرغ من نصيحة أقرب الناس إليه وأحقهم بنصيحته وحفظه على الهدى إذ كان رأس الهداة ، تشوف السامع إلى ما كان من غيره ، فاستأنف تعالى ذكره بقوله : { قال } أي موسى عليه السلام لرأس أهل الضلال معرضاً عن أخيه بعد قبول عذره . جاعلاً ما نسب إليه سبباً لسؤاله عن الحامل له عليه : { فما خطبك } أي أمرك هذا العجيب العظيم الذي حملك على ما صنعت وأخبرني العزيز العليم أنك أنت أضللتهم به { يا سامري * قال } السامري مجيباً له : { بصرت } من البصر والبصيرة { بما لم يبصروا به } من أمر الرسول الذي أجاز بنا البحر { فقبضت } أي فكان ذلك سبباً لأن قبضت { قبضة } أي مرة من القبض ، أطلقها على المقبوض تسمية للمفعول بالمصدر { من أثر } فرس ذلك { الرسول } أي المعهود { فنبذتها } في الحلي الملقى في النار ، أو في العجل { وكذلك } أي وكما سولت لي نفسي أخذ اثره { سولت } أي حسنت وزينت { لي نفسي } نبذها في الحلي فنبذتها ، فكان منها ما كان ، ولم يدعني إلى ذلك داع ولا حملني عليه حامل غير التسويل . ولما كان فعله هذا مفرقاً لبني إسرائيل عن طريق الحق التي كانوا عليها ، وجامعاً لهم على تمثال حيوان هو من أخس الحيوانات ، وعلى نفسه بكونه صار متبوعاً في ذلك الضلال ، لكونه كان سببه ، عوقب بالنفرة من الإنسان الذي هو أشرف الحيوان ، ليكون ذلك سبباً لضد ما تسبب عن فعله ، فيعاقب بالدنيا بعقوبة لا شيء أشد منها وذلك أنه منع من مخالطة الناس منعاً كلياً فلا يتصل بأحد ولا يتصل به أحد ، بل يكون وحيداً طريداً ما دام حياً ، فلذلك استؤنف الإخبار عن هذا بقوله تعالى : { قال } أي له موسى عليه السلام : { فاذهب } أي تسبب عن فعلك أني أقول لك : اذهب من بيننا ، أو حيث ذهبت { فإن لك في الحياة } أي ما دمت حياً { أن تقول } لكل من رأيته : { لا مساس } أي لا تمسني ولا أمسك ، فلا تقدر أن تنفك عن ذلك لإرادة الإله الحق ذلك بك وترغيبك فيه - بما أفادته اللام ، لتعلم أنت ومن تبعك أنكم كنتم على أعظم ضلال في ترك القادر على كل شيء ، واتباع ما لا قدرة له على شيء { وإن لك } بعد الممات { موعداً } للثواب إن تبت ، وللعقاب إن أبيت { لن تخلفه } مبنياً للفاعل وللمفعول ، أي لا يكون خلفك ولا تكون أنت خلفه ، بل يكون كل منكما مواجهاً لصاحبه ، لا انفكاك له عنه ، كما أنك في الحياة لا تقدر أن تنفك عن النفرة من الناس ، فاختر لنفسك ما يحلو . ولما ذكر ما للإله الحق من القدرة التامة في الدارين ، أتبعه عجز العجل فقال : { وانظر إلى إلهك } أي بزعمك { الذي ظلت } أي دمت في مدة يسيرة جداً بما أشار إليه تخفيف التضعيف { عليه عاكفاً } أي مقبلاً مقارباً مواظباً جهاراً { لنحرقنه } أي بالنار وبالمبرد - كما سلف عن نص التوراة ، وكان معنى ذلك أنه أحماه حتى لان فهان على المبارد { ثم لننسفنه } أي لنذرينه إذا صار سحالة { في اليم } أي البحر الذي أغرق الله فيه آل فرعون وهو أهل لأن يقصد فيجمع الله سحالته التي هي من حيلهم وأموالهم فيحميها في نار جهنم ويكويهم ويجعلها من أشد العذاب عليهم ، وأكد الفعل إظهاراً لعظمة الله الذي أمره بذلك ، وتحقيقاً للصدق في الوعد فقال : { نسفاً } .