Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 33-36)
Tafsir: ad-Durr al-manṯūr fī at-tafsīr bi-l-maʾṯūr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله { وآل إبراهيم وآل عمران } قال : هم المؤمنون من آل إبراهيم ، وآل عمران ، وآل ياسين ، وآل محمد صلى الله عليه وسلم . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : ذكر الله أهل بيتين صالحين ، ورجلين صالحين ، ففضلهم على العالمين ، فكان محمد صلى الله عليه وسلم من آل إبراهيم . وأخرج ابن جرير وأبي أبي حاتم عن الحسن في الآية قال : فضلهم الله على العالمين بالنبوّة على الناس كلهم ، كانوا هم الأنبياء الأتقياء المطيعين لربهم . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله { ذرية بعضها من بعض } قال : في النية ، والعمل ، والإخلاص ، والتوحيد . وأخرج ابن سعد وابن أبي حاتم عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده ، أن علياً قال للحسن قم فاخطب الناس قال : إني أهابك أن أخطب وأنا أراك . فتغيب عنه حيث يسمع كلامه ولا يراه ، فقام الحسن فحمد الله وأثنى عليه وتكلم . ثم نزل فقال علي رضي الله عنه { ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم } . وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر عن ابن عباس في قوله { إن الله اصطفى } يعني اختار من الناس لرسالته { آدم ونوحاً وآل إبراهيم } يعني إبراهيم وإسمعيل وإسحق ويعقوب والأسباط { وآل عمران على العالمين } يعني اختارهم للنبوّة والرسالة على عالمي ذلك الزمان . فهم ذرية بعضها من بعض ، فكل هؤلاء من ذرية آدم ، ثم ذرية نوح ، ثم من ذرية إبراهيم { إذ قالت امرأة عمران } بن ماثان واسمها حنة بنت فاقوذ . وهي أم مريم { رب إني نذرت لك ما في بطني محرراً } وذلك أن أم مريم حنة كانت جلست عن الولد والمحيض ، فبينما هي ذات يوم في ظل شجرة إذ نظرت إلى طير يزق فرخاً له ، فتحركت نفسها للولد ، فدعت الله أن يهب لها ولداً ، فحاضت من ساعتها ، فلما طهرت أتاها زوجها ، فلما أيقنت بالود قالت : لئن نجاني الله ووضعت ما في بطني لأجعلنه محرراً . وبنو ماثان من ملوك بني إسرائيل من نسل داود . والمحرر لا يعمل للدنيا ، ولا يتزوّج ، ويتفرغ لعمل الآخرة . يعبد الله تعالى ، ويكون في خدمة الكنيسة ، ولم يكن محرراً في ذلك الزمان إلا الغلمان . فقالت لزوجها : ليس جنس من جنس الأنبياء إلا وفيهم محرر غيرنا ، وإني جعلت ما في بطني نذيرة تقول : نذرت أن أجعله لله فهو المحرر . فقال زوجها : أرأيت أن كان الذي في بطنك أنثى والأنثى عورة - فكيف تصنعين ؟ فاغتمت لذلك فقالت عند ذلك { رب إني نذرت لك ما في بطني محرراً فتقبل مني إنك السميع العليم } يعني تقبل مني ما نذرت لك . { فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى } والأنثى عورة ، ثم قالت { وإني سميتها مريم } وكذلك كان اسمها عند الله { وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم } يعني الملعون ، فاستجاب الله لها ، فلم يقربها الشيطان ولا ذريتها عيسى . قال ابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كل ولد آدم ينال منه الشيطان يطعنه حين يقع بالأرض بأصبعه لما يستهل ، إلا ما كان من مريم وابنها لم يصل إبليس إليهما " قال ابن عباس : لما وضعتها خشيت حنة أم مريم أن لا تقبل الأنثى محررة ، فلفتها في الخرقة ووضعتها في بيت المقدس عند القراء ، فتساهم القراء عليها لأنها كانت بنت إمامهم ، وكان إمام القراء من ولد هرون . أيهم يأخذها فقال زكريا وهو رأس الأحبار أنا آخذها وأنا أحقهم بها لأن خالتها عندي يعني أم يحيى فقال القراء : وإن كان القوم من هو أفقر إليها منك ؟ ولو تركت لأحق الناس بها تركت لأبيها ولكنها محررة ، غير أنا نتساهم عليها فمن خرج سهمه فهو أحق بها ، فقرعوا ثلاث مرات بأقلامهم التي كانوا يكتبون بها الوحي { أيهم يكفل مريم } يعني أيهم يقبضها فقرعهم زكريا . وكانت قرعة أقلامهم أنهم جمعوها في موضع ثم غطوها فقالوا لبعض خذم بيت المقدس من الغلمان الذين لم يبلغوا الحلم : أدخل يدك فأخرج قلماً منها ، فأدخل يده فأخرج قلم زكريا فقالوا : لا نرضى ولكن نلقي الأقلام في الماء فمن خرج قلمه في جرية الماء ثم ارتفع فهو يكلفها . فألقوا أقلامهم في نهر الأردن ، فارتفع قلم زكريا في جرية الماء فقالوا : نقترع الثالثة فمن جرى قلمه مع الماء فهو يكلفها . فألقوا أقلامهم ، فجرى قلم زكريا مع الماء ، وارتفعت أقلامهم في جرية الماء وقبضها عند ذلك زكريا . فذلك قوله { وكفلها زكريا } يعني قبضها ثم قال { فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتاً حسناً } يعني رباها تربية حسنة في عبادة وطاعة لربها حتى ترعرعت ، وبنى لها زكريا محراباً في بيت المقدس ، وجعل له بابه في وسط الحائط لا يصعد إليها إلا بسلم . وكان استأجر لها ظِئْراً ، فلما تم لها حولان فطمت وتحركت ، فكان يغلق عليها الباب والمفتاح معه لا يأمن عليه أحداً ، لا يأتيها بما يصلحها أحد غيره حتى بلغت " . وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن عساكر عن عكرمة قال : اسم أم مريم حنة . وأخرج الحاكم عن أبي هريرة قال : حنة ولدت مريم أم عيسى . وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { نذرت لك ما في بطني محرراً } قال : كانت نذرت أي تجعله في الكنيسة يتعبد بها ، وكانت ترجو أن يكون ذكراً . وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في الآية قال : نذرت أي تجعله محرراً للعبادة . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله { محرراً } قال : خادماً للبيعة . وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من وجه آخر عن مجاهد في قوله { محرراً } قال : خالصاً لا يخالطه شيء من أمر الدنيا . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في الآية قال : كانت امرأة عمران حررت لله ما في بطنها ، وكانوا إنما يحررون الذكور ، وكان المحرر إذا حرر جعل في الكنيسة لا يبرحها ، يقوم عليها ويكنسها ، وكانت المرأة لا تستطيع أن تصنع بها ذلك لما يصيبها من الأذى ، فعند ذلك قالت { وليس الذكر كالأنثى } . وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير { محرراً } قال : جعلته لله والكنيسة فلا يحال بينه وبين العبادة . وأخرج ابن المنذر عن الضحاك قال : كانت المرأة في زمان بني إسرائيل إذا ولدت غلاماً أرضعته حتى إذا أطاق الخدمة دفعته إلى الذين يدرسون الكتب ، فقالت : هذا محرر لكم يخدمكم . وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن عكرمة قال : إن امرأة عمران كانت عجوزاً عاقراً تسمى ، حنة ، وكانت لا تلد ، فجعلت تغبط النساء لأولادهن فقالت : اللهم إن عليَّ نذراً شكراً إن رزقتني ولداً أن أتصدق به على بيت المقدس ، فيكون من سدنته وخدامه { فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى … وليس الذكر كالأنثى } يعني في المحيض ولا ينبغي لامرأة أن تكون مع الرجال ، ثم خرجت أم مريم تحملها في خرقتها إلى بني الكاهن ابن هارون أخي موسى قال : وهم يومئذ يلون من بيت المقدس ما يلي الحجبة من الكعبة فقالت لهم : دونكم هذه النذيرة فإني حررتها وهي ابنتي ولا يدخل الكنيسة حائض ، وأنا لا أردها إلى بيتي فقالوا : هذه ابنة إمامنا وكان عمران يؤمهم في الصلاة فقال زكريا : ادفعوها إليَّ فإن خالتها تحتي فقالوا : لا تطيب أنفسنا بذلك . فذلك حين اقترعوا عليها بالأقلام التي يكتبون بها التوراة ، فقرعهم زكريا فكفلها . وأخرج سعيد بن منصور عن ابن عباس أنه كان يقرأ { والله أعلم بما وضعت } . وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك أنه قرأ { بما وضعت } برفع التاء . وأخرج عبد بن حميد عن عاصم بن أبي النجود أنه كان يقرؤها برفع التاء . وأخرج عبدالله بن أحمد في زوائد الزهد عن سفيان بن حسين { والله أعلم بما وضعت } قال : على وجه الشكاية إلى الرب تبارك وتعالى . وأخرج عبد بن حميد عن الأسود أنه كان يقرؤها { والله أعلم بما وضعت } بنصب العين . وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم أنه كان يقرؤها { والله أعلم بما وضعت } بنصب العين . أما قوله تعالى : { وإني أعيذها } الآية . أخرج عبد الرزاق وأحمد والبخاري ومسلم وابن جرير وأبي المنذر وابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من مولود يولد إلا والشيطان يمسه حين يولد ، فيستهل صارخاً من مس الشيطان إياه ، إلا مريم وابنها " ثم قال أبو هريرة : واقرأوا إن شئتم { وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم } . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير والحاكم وصححه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كل مولود من ولد آدم له طعنة من الشيطان وبها يستهل الصبي ، إلا ما كان من مريم بنت عمران وولدها ، فإن أمها قالت حين وضعتها { وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم } فضرب بينهما حجاب ، فطعن في الحجاب " وأخرج ابن جرير عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من مولود يولد إلا وقد عصره الشيطان عصرة أو عصرتين إلا عيسى ابن مريم ومريم . ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : { وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم } " . وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : ما ولد مولود إلا قد استهل غير المسيح ابن مريم لم يسلط عليه الشيطان ولم ينهزه . وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن عساكر عن وهب بن منبه قال : لما ولد عيسى عليه السلام أتت الشياطين إبليس فقالوا : أصبحت الأصنام قد نكست رؤوسها فقال : هذا حدث مكانكم . فطار حتى جاب خافقي الأرض فلم يجد شيئاً ، ثم جاء البحار فلم يقدر على شيء ، ثم طار أيضاً فوجد عيسى عليه السلام قد ولد عند مدود حمار ، وإذا الملائكة قد حفَّت حوله ، فرجع إليهم فقال إليهم فقال : إن نبياً قد ولد البارحة ما حملت أنثى قط ولا وضعت إلا وأنا بحضرتها إلا هذا . فأيسوا أن تعبد الأصنام بعد هذه الليلة ولكن ائتوا بني آدم من قبل الخفة والعجلة . وأخرج ابن جرير وابن المنذر " عن قتادة في قوله { وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم } قال : " ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : كل بني آدم طعن الشيطان في جنبه إلا عيسى ابن مريم وأمه ، جعل بينهما وبينه حجاب فأصابت الطعنة الحجاب ولم ينفذ إليهما شيء . وذكر لنا أنهما كانا لا يصيبان الذنوب كما يصيبه سائر بني آدم . وذكر لنا أن عيسى عليه السلام كان يمشي على البحر كما يمشي على البر ، مما أعطاه الله من اليقين والإِخلاص " وأخرج ابن جرير عن الربيع { وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم } قال : إن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " كل آدمي طعن الشيطان في جنبه غير عيسى وأمه كانا لا يصيبان الذنوب كما يصيبها بنو آدم قال : وقال عيسى عليه السلام فيما يثني على ربه : وأعاذني وأمي من الشيطان الرجيم فلم يكن له علينا سبيل " . وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس قال : لولا أنها قالت { وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم } إذن لم تكن لها ذرية .