Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 15, Ayat: 52-55)
Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ } نُصب بفعلٍ مضمر معطوفٍ على نبىء ، أي واذكر وقت دخولِهم عليه ، أو خبر مقدر مضاف إلى ضيف ، أي خبر ضيف إبراهيمَ حين دخولهم عليه ، أو بنفس ضيف على أنه مصدرٌ في الأصل { فَقَالُواْ } عند ذلك { سَلاَماً } أي نسلّم سلاماً أو سلّمنا أو سَلِمْتَ سلاماً . { قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ } أي خائفون ، فإن الوجلَ اضطرابُ النفس لتوقع مكروهٍ ، قاله عليه الصلاة والسلام حين امتنعوا من أكل ما قرّبه إليهم من العجل الحنيذ ، لِما أن المعتاد عندهم أنه إذا نزل بهم ضيفٌ فلم يأكلْ من طعامهم ظنوا أنه لم يجىء بخير ، لا عند ابتداء دخولهم لقوله تعالى : { فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً } [ هود : 70 ] ، فلا مجال لكون خوفه عليه الصلاة والسلام بسبب دخولِهم بغير إذن ولا بغير وقت ، إذ لو كان كذلك لأجابوا حينئذ بما أجابوا ، ولم يتصدَّ عليه الصلاة والسلام لتقريب الطعام إليهم ، وإنما لم يذكر هٰهنا اكتفاءً بما بـيّن في غير هذا الموضع ، ألا يرى إلى أنه لم يُذكر هٰهنا ردُّه عليه الصلاة والسلام لسلامهم . { قَالُواْ لاَ تَوْجَلْ } لا تخف ، وقرىء لا تاجل ولا تُوجِلْ من أوجله أي أخافه ، ولا تُواجِلْ من واجله بمعنى أوجله { إِنَّا نُبَشّرُكَ } استئنافٌ لتعليل النهي عن الوجل ، فإن المبشَّر به لا يكاد يحوم حول ساحته خوفٌ ولا حزن ، كيف لا وهو بشارةٌ ببقائه وبقاءِ أهله في عافية وسلامة زماناً طويلاً { بِغُلَـٰمٍ } هو إسحاقُ عليه الصلاة والسلام لقوله تعالى : { فَبَشَّرْنَـٰهَا بِإِسْحَـٰقَ } [ هود : 71 ] ولم يتعرض هٰهنا لبشارة يعقوبَ عليه الصلاة والسلام اكتفاءً بما ذكر في سورة هود { عَلِيمٌ } إذا بلغ ، وفي موضع آخرَ بغلام حليم . { قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِى } بذلك { عَلَىٰ أَن مَّسَّنِىَ ٱلْكِبَرُ } وأثر في تعجبه عليه الصلاة والسلام من بشارتهم بالولد في حالة مباينة للولادة ، وزاد في ذلك فقال : { فَبِمَ تُبَشّرُونَ } أي بأي أعجوبةٍ تبشرونني ، فإن البشارة بما لا يُتصور وقوعُه عادة بشارةٌ بغير شيء ، أو بأي طريقةٍ تبشرونني ، وقرىء بتشديد النون المكسورة على إدغام نون الجمع في نون الوقاية . { قَالُواْ بَشَّرْنَـٰكَ بِٱلْحَقّ } أي بما يكون لا محالة ، أو باليقين الذي لا لَبْسَ فيه ، أو بطريقة هي حقٌّ وهو أمرُ الله تعالى ، وقوله : { فَلاَ تَكُن مّنَ ٱلْقَـٰنِطِينَ } من الآيسين من ذلك ، فإن الله قادر على أن يخلق بشراً بغير أبوين ، فكيف من شيخ فانٍ وعجوز عاقر ، وقرىء من القَنِطين ، وكان مقصِدُه عليه الصلاة والسلام استعظامَ نعمتِه تعالى عليه في ضمن التعجب العادي المبنيِّ على سنة الله تعالى المسلوكةِ فيما بـين عباده ، لا استبعادَ ذلك بالنسبة إلى قدرته سبحانه كما ينبىء عنه قولُ الملائكة : فلا تكن من القانطين ، دون أن يقولوا : من الممترين أو نحوه .