Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 45, Ayat: 5-8)
Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَٱخْتِلَـٰفِ ٱلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ } بالجرِّ على إضمارِ الجارِّ المذكورِ في الآيتينِ قبلَهُ . وقد قُرِىءَ بذكرِه . والمرادُ باختلافِهما إمَّا تعاقُبهما أو تفاوتُهما طولاً وقِصَراً . { وَمَا أَنزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلسَّمَاء } عطفٌ على اختلافِ { مِن رّزْقِ } أي من مطرٍ ، وهو سببُ للرزقِ عُبرَ عنهُ بذلكَ تنبـيهاً على كونِه آيةً من جِهتَيْ القُدرةِ والرحمةِ . { فَأحْيَا بِهِ ٱلأَرْضُ } بأنْ أخرجَ منها أصنافَ الزروعِ والثمراتِ والنباتِ . { بَعْدَ مَوْتِهَا } وعرائها عن آثارِ الحياةِ وانتقاءِ قوةِ التنميةِ عنها وخُلوِّ أشجارِها عن الثمارِ . { وَتَصْرِيفِ ٱلرّيَاحِ } من جهةٍ إلى أُخرى ، ومن حالٍ إلى حالٍ . وقُرىءَ بتوحيدِ الريحِ . وتأخيرُه عن إنزالِ المطرِ مع تقدمِه عليهِ في الوجودِ ، إمَّا للإيذانِ بأنه آيةٌ مستقلةٌ حيثُ لو رُوعيَ الترتيبُ الوجوديُّ لربما تُوهم أنَّ مجموعَ تصريفِ الرياحِ وإنزالِ المطرِ آيةٌ واحدةٌ ، وإمَّا لأنَّ كونَ التصريفِ آيةً ليسَ لمجردِ كونِه مبدأً لإنشاءِ المطرِ بل لهُ ولسائرِ المنافعِ التي من جُملتها سوقُ السفنِ في البحارِ . { ءَايَاتٌ لّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } بالرفعِ على أنَّه مبتدأٌ خبرُهُ ما تقدمَ من الجارِّ والمجرورِ . والجملةُ معطوفةٌ على ما قبلَها . وقُرِىءَ بالنصبِ على الاختصاصِ ، وقيلَ : على أنَّها اسمُ أنَّ والمجرورُ المتقدمُ خبرُها بطريقِ العطفِ على معمولَيْ عاملينِ مختلفينِ هُمَا أنَّ وفي أقيمتِ الواوُ مُقامَهُما فعملتِ الجرَّ في اختلافِ والنصبَ في آياتٍ . وتنكيرُ آياتٍ في المواقعِ الثلاثةِ للتفخيمِ كماً وكيفاً واختلافُ الفواصلِ لاختلافِ مراتبِ الآياتِ في الدقةِ والجلاءِ . { تِلْكَ آيَـٰتُ ٱللَّهِ } مبتدأٌ وخبرٌ . وقولُه تعالَى : { نَتْلُوهَا عَلَيْكَ } حالٌ عاملُها معنى الإشارةِ وقيلَ : هو الخبرُ وآياتُ الله بدلٌ أو عطفُ بـيانٍ { بِٱلْحَقّ } حالٌ من فاعلِ نتلُو ومن مفعولِه أي نتلُوها مُحِقينَ أو ملتبسةً بالحقِّ { فَبِأَىّ حَدِيثٍ } من الأحاديثِ { بَعْدَ ٱللَّهِ وَءايَـٰتِهِ } أي بعد آياتِ الله ، وتقديمُ الاسمِ الجليلِ لتعظيمِها ، كَما في قولِهم : أعجبنِي زيدٌ وكرمُه ، أو بعدَ حديثِ الله الذي هُو القرآنُ حسبما نطقَ به قولُه تعالى : { ٱللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ ٱلْحَدِيثِ } [ سورة الزمر ، الآية 23 ] وهو المرادُ بآياتِه أيضاً ومناطُ العطفِ التغايرُ العُنوانِي . { يُؤْمِنُونَ } بصيغةِ الغَيبةِ وقُرِىءَ بالتاءِ . { وَيْلٌ لّكُلّ أَفَّاكٍ } كذابٍ { أَثِيمٍ } كثيرِ الآثامِ . { يَسْمَعُ ءايَـٰتِ ٱللَّهِ } صفةٌ أخرى لأفَّاكٍ وقيلَ : حالٌ من الضميرِ في أثيمٍ . { تُتْلَىٰ عَلَيْهِ } حالٌ من آياتِ الله ولا مساغَ لجعلِه مفعولاً ثانياً ليسمعُ ، لأنَّ شرطَهُ أنْ يكونَ ما بعَدهُ ممَّا لا يُسمعُ كقولِكَ سمعتُ زيداً يقرأُ . { ثُمَّ يُصِرُّ } أي يقيمُ على كُفره . وأصلُه من إصرارِ الحمارِ على العانة . { مُسْتَكْبِراً } عن الإيمانِ بما سمعهُ من آياتِ الله تعالى والإذعانِ لما تنطقُ بهِ من الحقِّ مُزدرياً لها مُعجَباً بما عندَهُ من الأباطيلِ . وقيلَ : نزلتْ في النَّضرِ بنِ الحارثِ وكان يشترِي من أحاديثِ الأعاجمِ ويشغلُ بها النَّاسَ عن استماعِ القُرآنِ ، لكنَّها وردتْ بعبارةٍ عامةٍ ناعية عليهِ وعلى كلِّ من يسيرُ سيرتَهُ ما هم فيه من الشرِّ والفسادِ . وكلمةُ ثمَّ لاستبعادِ الإصرارِ والاستكبارِ بعد سماعِ الآياتِ التي حقُّها أنْ تُذعنَ لها القلوبُ وتخضعَ لها الرقابُ كَما في قولِ مَنْ قالَ @ يَرَى غَمَراتِ الموتِ ثمَّ يزورُهَا @@ { كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا } أي كأنَّه لم يسمعْهَا فخففَ وحُذفَ ضميرَ الشأنِ . والجملةُ حالٌ من يُصرُّ أي يصرُّ شبـيهاً بغيرِ السامعِ . { فَبَشّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } على إصرارِه واستكبارِه .