Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 47, Ayat: 10-13)

Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِى ٱلأَرْضِ } أي أقَعدُوا في أماكنِهم فلم يسيرُوا فيها { فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } من الأممِ المكذبةِ فإنَّ آثارَ ديارِهم تنبىءُ عن أخبارِهم . وقولُه تعالى : { دَمَّرَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ } استئنافٌ مبنيٌّ على سؤالٍ نشأَ من الكلامِ كأنَّه قيلَ كيفَ كان عاقبتُهم فقيلَ استأصلَ الله تعالىَ عليهم ما اختصَّ بهم من أنفسِهم وأهليِهم وأموالِهم ، يقالُ دمَّره أهلكَه ودمَّر عليهِ أهلكَ عليهِ ما يختصُّ بهِ . { وَلِلْكَـٰفِرِينَ } أي ولهؤلاءِ الكافرينَ السائرينَ بسيرتِهم { أَمْثَـٰلُهَا } أمثالُ عواقبِهم أو عقوباتِهم لكنْ لا على أنَّ لهؤلاءِ أمثالَ ما لأولئكَ وأضعافَهُ ، بلْ مثلَه ، وإنما جُمعَ باعتبارِ مماثلتِه لعواقبَ متعددةٍ حسبَ تعددِ الأممِ المُعذبةِ . وقيلَ يجوزُ أن يكونَ عذابُهم أشدَّ من عذابِ الأولينَ وقد قُتلوا وأُسروا بأيدِي من كانُوا يستخفّونهم ويستضعفونهم والقتلُ بـيد المثلِ أشدُّ ألماً من الهلاكِ بسببٍ عامٍ ، وقيلَ المرادُ بالكافرينَ المتقدمونَ بطريقِ وضعِ الظاهرِ موضعَ الضميرِ ، كأنَّه قيلَ دمَّر الله عليهم في الدُّنيا ولهُم في الآخرةِ أمثالُها . { ذٰلِكَ } إشارةٌ إلى ثبوتِ أمثالِ عقوبةِ الأممِ السَّالفةِ لهؤلاءِ { بِأَنَّ ٱللَّهَ مَوْلَى ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ } أي ناصرُهم على أعدائِهم . وقُرِىءَ وليُّ الذينَ { وَأَنَّ ٱلْكَـٰفِرِينَ لاَ مَوْلَىٰ لَهُمْ } فيدفعُ عنُهم ما حلَّ بهم من العقوبةِ والعذابِ ولا يُخالفُ هَذا قولَه تعالى : { ثُمَّ رُدُّواْ إِلَىٰ ٱللَّهِ مَوْلَـٰهُمُ ٱلْحَقّ } [ سورة الأنعام ، الآية 62 ] فإنَّ المَوْلَى هُناكَ بمعنى المالِك . إِنَّ ٱللَّهَ يُدْخِلُ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ جَنَـٰتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ بـيانٌ لحكمِ ولايتِه تعالى لَهُم وثمرتِها الأُخرويةِ . { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَتَمَتَّعُونَ } أيْ ينتفعونَ في الدُّنيا بمتاعِها { وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ ٱلأَنْعَـٰمُ } غافلينَ عنْ عواقِبهم { وَٱلنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ } أي منزلُ ثُواءٍ وإقامةٍ . والجملةُ إمَّا حالٌ مقدرةٌ منْ واوِ يأكُلونَ ، أو استئنافٌ { وَكَأَيّن } كلمةٌ مركبةٌ من الكافِ ، وأَيْ بمَعنى كَمِ الخبريةِ ومحلُّها الرفعُ بالابتداءِ . وقوله تعالى : { مِن قَرْيَةٍ } تميـيزٌ لها . وقولُه تعالى : { هِىَ أَشَدُّ قُوَّةً مّن قَرْيَتِكَ } صفةٌ لقريةٍ كما أنَّ قولَه تعالى : { ٱلَّتِى أَخْرَجَتْكَ } صفةٌ لقريتكَ ، وقد حُذفَ عنهُمَا المضافُ وأُجريَ أحكامُه عليهمَا كما يُفصحُ عنه الخبرُ الذي هو قولُه تعالى : { أَهْلَكْنَـٰهُمْ } أي وكم منْ أهلِ قريةٍ هُم أشدُّ قوةً من أهلِ قريتكَ الذين كانُوا سبباً لخروجِكَ من بـينِهم . ووصفُ القريةِ الأولى بشدةِ القُوَّةِ للإيذانِ بأولويةِ الثانيةِ منها بالإهلاكِ لضعفِ قوَّتِها كما أنَّ وصفَ الثانيةِ بإخراجهِ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ للإيذانِ بأولويتِها به لقوةِ جنايتِها . وعلى طريقتِه قولُ النابغةِ : @ كُلَيبٌ لعَمْرِي كانَ أكثَر ناصرا وَأيسَر جُرماً منكَ ضُرِّجَ بالدَّمِ @@ وقولُه تعالى : { فَلاَ نَـٰصِرَ لَهُمْ } بـيانٌ لعدمِ خلاصِهم من العذابِ بواسطةِ الأعوانِ والأنصارِ إثرَ بـيانِ عدمِ خلاصِهم منْهُ بأنفسِهم . والفاءُ لترتيبِ ذكرِ ما بالغيرِ على ذكرِ ما بالذاتِ وهو حكايةُ حالٍ ماضيةٍ .