Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 17-17)

Tafsir: Ḥaqāʾiq at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قال فارس : سمع موسى كلامًا لا يشبه كلام الحق فلما سمع ذلك الكلام ، كاد أن يهيم ، فمرةً أضاف العصا إلى نفسه ، ومرةً أجاب عما لم يسئل كذلك الهيمان . وقال : لما غلبت عليه الدعات الصفات رده الحق إلى المخلوق ليسكن ما به . فقال : وما تلك بيمينك ، شغله بالإجابة عما يكلمه ، ولولا ذلك لتفسخ عند ورود الخطاب عليه بغتة . وقال الواسطى رحمه الله : استلذ الخطاب فأخذه عن التمييز فأجاب عما سأل ، وعما لم يسأل وقال وما تلك بيمينك عندك . فقال : عصاى ، فقال : ألقها فإن لنا فيه آيات هى عندك عصا ، وهى عندنا حيّةُ تسعى . وقال ابن عطاء فى قوله : { وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يٰمُوسَىٰ } قال : انفراد الله بعلم الغيب فللخلق من الأشياء ظواهرها وحقيقتها عند الله فكان عند موسى أنها عصى . وعند الحق أنها حيّةُ فقال له : وما تلك بيمينك ليعرفه بذلك مقدار علمه ، وإن حقائق العلوم لا يعلمها إلا الله فقال : عصاى ، فقال له بل محلاً لإظهار قدرتنا فيه . وقال الحسين : فى قوله : { وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ } قال : أثبته بالصفة : فقال له : أعد إليه النظرة فأعاد النظر حتى تيقن أنها عصا فقال : عصاى فلما أجاب بالحقيقة إنها عصا قلب عينها فأحالها عن حالها فأعجزه ذلك فقيل . إعجازها للأمة . وسمعت منصور بن عبد الله يقول : سمعت أبا بكر بن طاهر يقول : فى قوله : { وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يٰمُوسَىٰ } قال انبسط إليه فى السؤال ليربط على قلبه لعلمه لما يبدو منه فى شهود الكبرياء . وقال أيضًا : أحب الله تعالى أن يبسط موسى فى الكلام كى لا يحتشم فى السؤال . وقال الجنيد رحمه الله : فى قوله : { عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا } [ الآية : 18 ] . فقال له : ألق كلما يعتمد عليه قلبك ، أو تسكن إليه نفسك ، وإن الكل مجال العلل فإن كل ما تسكن إليه ستهرب منه عن قلبك ألا تراه قال : فأوجس فى نفسه خيفة . قال الحسين : عدّد موسى منافع العصا على ربه وسكونه إليها وانتفاعه بها فقال : { أَلْقِهَا يٰمُوسَىٰ } أى : ألق من نفسك السكون إلى منافعها ، ومن قلبه حبه ليزول عنه بالفرار منه ، خذها ولا تخف وراجع إلينا . وقيل : إن الحكمة فى انقلاب العصا حيّةُ فى وقت الكلام أنه جعلها آيته ومعجزته ولا ألقاها بين يدى فرعون ، ولم يشاهد منه قبل ذلك ما شهد لهرب منه كما هرب فرعون حين بدهته رؤيته . سمعت منصور بن عبد الله يقول : سمعت جعفر بن نصير يقول سمعت الجنيد يقول . فى قوله : { وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يٰمُوسَىٰ } قال : انفرد الحق بعلم الغيوب ، فالخلق من الأشياء ظواهرها ، وله الحقائق منها ، وكان عند موسى أنها عصا فقط فذكر كل ما يعلم من علمها فأراه الله فيها ما تفرد به وجعلها حيّةُ ، والحكمة فيه أنه لو لم يره فيها من الآيات لراعه فى وقت الانقلاب فأراه ذلك ليلاً يفزع ولا يجزع فلما رآها حيّةً تهتز كأنها جان ولى مدبرًا أى . ولى ظهره إليه وأقبل على ربه ، ولم يعقب فقيل : له أقبل عليها ولا تخف أن يقطعك النظر إليها عنى .