Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 23-24)

Tafsir: Mafātīḥ al-ġayb

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى { وَرَاوَدَتْهُ ٱلَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ ٱلأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ } كانت مستغرقة فى العشق الروحانى فغلب عليها شهوة العشق فراودته وذلك ان رعونة سر الطبيعة صارت منجذبة برقة عشق الروحانى الى معدنه فغلطت وصارت محجوبة بالطبيعة من الحقيقة وغلقت الابواب لما كان عشق يوسف فى قلبها وصورته مصورة فى خيالها لا يحتاج الى غلق الابواب فان قيد همتها حكمة همت يوسف حين همت به وهم بها اغلقت ابواب اسرار عشقها على يوسف فصارت فاشية بان العشق لا يبقى التكمان @ الا فاسقنى خمرا وقل لى هى الخمر ولا تسقنى سرا اذا امكن الجهر وبخ بانتم من اهوى ودعنى من الكنى فلا خير فى اللذات من دونها ستر @@ وايضا عارث على يوسف حتى لا يرى احدا اسرارها فغلقت الابواب كذا ينبغى للعاشق قال الشبلى فى قوله وغلقت الابواب قطعت الاسباب وجمعة الهمة عليه ثم غلب على يوسف قدس النبوة فامتنع من مراودتها بقوله { قَالَ مَعَاذَ ٱللَّهِ إِنَّهُ رَبِّيۤ أَحْسَنَ مَثْوَايَ } اى ربى سبحانه وتعالى احسن مثواى فى الاصطفائية الازلية واختارنى بالرسالة والنبوة وعلمنى من تأويل الاحاديث والبسنى لباس جماله الذى هو يوجب ان ينظر اليها بنعت الهيبة والاجلال هذا سيد السادات وسيد الظاهر احسن مثواى بان اختارنى لاخرته لا لدنياه واحسن مثواه فى قلبك بنعت محبة الله فلا ينبغى لك ان ينظر إلي الا بمحبة الله قيل لما نظر فى ترك المعصية الى صاحبه وولى نعمته الادنى ولم ينظر الى ربه وولى نعمته الاعلى عوقب بالهم حتى قال همت به وهم بها وقال بعضهم برؤية الهمة امتنع من الفتنة قال الاستاذ انه اكرمنى مولاى تعالى حيث خلفنى من والحب جعل فى قلب العزيز لى محلا فقال اكرمى مثواه فقال لا ينبغى ان اقدم على عصيانه وقد افردنى بجميل احسانه ثم اخبر سبحانه عن جذب مقناطيس الهمم بعضها بعضا من سر حقيقة العشق الالهى والروحانى والانسانى والطبيعى والفطرى والجوهرى التى معادنها من عالم الربوبية افعالا وصفات وذاتا بقوله { وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا } خالص الحقيقة فى هذا المعنى فى تلك الهمتين ان همة زليخا سبقت على همة يوسف وحسن يوسف سبق بجذب قلب زليخا وهمتها الى معدنه لان عشق زليخا وحسن يوسف صفتان صادرتان من المعدنين الازليين وهما صفة جمال القدم ومحبة الازل فلما هاجت همة زليخا بعد انجذاب قلبها الى معدن عشق يوسف وحسن يوسف هاجت ايضا همة يوسف الى اهلية عشقها وحسنها وهمتها فصارت الهمتان بعضها من بعض فهاج همة الجوهر الى الجوهر والفطرة الى الفطرة والطبيعة الى الطبيعة والانسانية الى الانسانية والروحانى الى الروحانى والالهى الى الالهى فصارت جميعها بوصف الهمتين متحيرة حتى صار شخصهما وسوادهما وخيالهما وعقلهما وقلبهما وروحهما وسرهما واحدا فى واحد كما قال الشاعر @ والعين كالغصنين شقهما الهوى فروحاهما روح وقلباهما قلب @@ فكيف نتهم الهمتين واصل الجوهر نور الارادة واصل الفطرة فعل الارادة واصل الطبيعة مباشرة القدرة لكن الصورة واصل الانسان وجود معجون القهر والروحانى مباشرة اللطف والهى تجلى الجمال وظهور الذات فى الصفات وظهور الصفات فى الافعال فترقى الهمة من اصل الجوهر الى نور الارادة ومن اصل الفطرة الى فعل الارادة ومن اصل الطبيعة الى مباشرة القدرة ومن اصل الانسانى الى وجود معجون القهر وذلك سر النفس الامارة ومن اصل الروحانى الى مباشرة اللطف ومن اصل الهى الى تجلى الجمال وظهور الذات فى الصفات وظهور الصفات فى الافعال ففى عين الجمع اصل العشقين والهمتين من معنى تجلى الذات والصفات والافعال فاذا علمت ذلك فترى شخصهما شخصا وروحهما روحا وقلبهما قلبا وهمتهما همة وسرهما سرا وكلهما كلا وذلك الكل صدر من الكل وذلك الكل علة العلل ومعلل الاشياء ومكون الكون واصل الاصول فمن يدم وغرائب حقيقة قدس المعرفة فى الاشارة اشارة منه بدأ واليه يعود بينى وبينك اينازعنى فاوقع بلطفك اننى من البين يا صاحب الهمة اذا تجلى من فعله لفعله بوصف الفعل صار العشق مع الشهوة واذا تجلى الصفة الصفة بوصف الصفة صار العشق مع شهوة الروحانى بلا شهوة الانسانى واذا تجلى الذات للذات بوصف الذات صار العشق بوصف العشق الازلى المقدس عن حركات اسرار جميع الشهوات لان عشقه ازلى بلا علة فاول همة حركة الفعل الى الفعل وهناك موضع الامتحان والفتنة المخالفة الامر وأوسط الهمة تجلى الصفة الى الصفة وهناك تم مقام الالتباس ونهايتها تجلى الذات للذات وهناك مقام القدس والطهارة من الامتحان فاذا كان يوسف فى بدايتها ووسطها كان فى محل العتاب فاذا تجلى الذات للذات سلبه انوار الذات من المقامين ولولا ذلك لبقى فى بحر الامتحان وعتاب الرحمن تصديق ذلك قوله سبحانه { لَوْلاۤ أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ ٱلسُّوۤءَ وَٱلْفَحْشَآءَ } ظهور البرهان ليوسف ظهور صرف ذات القديم المنزه عن علة الحلول ومباشرة الحدوث وذلك الظهور يوجب افراد القدم عن الحدوث وصرف التجريد والتوحيد والتفريد والخروج من محل الالتباس وقوله { كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ ٱلسُّوۤءَ وَٱلْفَحْشَآءَ } ان وضع سمات الفحش والسوء على اسرار تآلف الارواح والاشباح وحركات بعضها الى بعض بنعت المحبة والالفة والمودة والهوى والشهوة انها عالم الامتحان والامر والتكليف والعبودية ومخالفة الامر سوء وفحشاء من حيث العلم والعقل وفى الحقيقة ليس هناك علة الفحش والسوء لانها مواضع المقادير الازلية وايضا اذا بقى العارف فى الترقى والوسائط والالتباس من توحيد الصرف بقى فى الحجاب عن رؤية كنه القدم وقدس الازل وذلك الاحتجاب سوء وفحشاء واى سوء وفحش اعظم من الوقفة فى بعض الطريق والانقطاع عن الوصول الى الكل واصل الاصل واذا كان معانى همته العلية علت على جميع المقامات وبلغت الى رؤية الذات والصفات بنعت الفناء والبقاء ذكر سبحانه امتنانه عليه بعد وصفه بتقديس اخلاصه وقال { كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ ٱلسُّوۤءَ وَٱلْفَحْشَآءَ } اى من اهل الكمال من الموحدين والنبيين والمرسلين قال ابن عطاء همت به هم شهوة وهم بها هم موعظة بزجرها عما همت به وقال لولا ان رأى برهان ربه قال واعظا من قلبه وهو واعظ الله فى قلب كل عبد وقال ايضا همت به وهم بها احتالت زليخا ان تري نفسها ليوسف فحجب الله نفسها عن يوسف بالبرهان العالى والحق الظاهر حتى لم يشهد فى وقت ذلك غير الحق وقال هم بها نظر اليها لولا ما صده عن ذلك من حجاب البرهان وقال الجنيد يحرك طبع البشرية من يوسف ولم يعاونه طبع العادة والعبد فى تحريك الخلقة فيه غير مذموم وفى هيجان الشهوة مذموم وفى مقاربة المعصية ملوم وذكر الله تعالى عن يوسف همه على طريق المحمدة لا على طريق المذمة وقال ابن عطاء قالت زليخا ليوسف اصبر على ساعة حتى اعود اليك فقال ما تفعلين فقالت أغطى وجه الصنم فانى أستحيى منه فتذكر يوسف عند ذلك اطلاع ربه عليه فهرب منها فذلك البرهان قال ايضا السوء الخواطر الرؤية والفحشاء بالاركان قال محملين الفشل السوء بالتفكر والفحشاء بالمباشرة قال ابو عثمان لنصرف عنه سوءاتهم وفحشاء المواقعة قال الجنيد اول ما يبدو من الاخلاص فى احوال الأولياء خلوص سرائرهم وهممهم وارادتهم ثم خلوص افعالهم فمن لم يخلص سره لا ينال الصفاء فى فعله فلما راى ما راى يوسف لم يبق فى نفسه من شهوة الانسانى اثر من استيلاء انوار التوحيد وفر من موضع الخطر .