Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 256-258)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ لا إكْرَاه في الدين } لأن الدين في الحقيقة هو الهدى المستفاد من النور القلبي ، اللازم للفطرة الإنسانية ، المستلزم للإيمان اليقيني . كما قال تعالى : { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ ٱللَّهِ ذَلِكَ ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّم } [ الروم ، الآية : 30 ] ، والإسلام الذي هو ظاهر الدين مبتن عليه وهو أمر لا مدخل للإكراه فيه . والدليل على أنّ باطن الدين وحقيقته الإيمان كما أن ظاهره وصورته الإسلام ما بعده { قد تبين } أي تميز { الرشد من الغيّ } بالدلائل الواضحة لمن له بصيرة وعقل ، كما قيل : قد أضاء الصبح لذي عينين . { فمن يَكْفر بالطاغوت } أي : ما سوى الله وينفي وجوده وتأثيره { ويؤمِن بالله } إيماناً شهودياً حقيقياً { فقد اسْتَمْسك بالعُرْوَة الوثقى } أي : تمسك بالوحدة الذاتية التي وثوقها واحكامها بنفسها ، فلا شيء أوثق منها ، إذ كلّ وثيق بها موثوق ، بل كل وجود بها موجود وبنفسه معدوم ، فإذا اعتبر وجوده فله انفصام في نفسه لأن الممكن وثاقته ووجوده بالواجب ، فإذا قطع النظر عنه فقد انقطع وجود ذلك الممكن ولم يكن في نفسه شيئاً . ولا يمكن انفصامه عن وجود عين ذاته ، إذ ليس فيه تجزؤ وإثنينية ، وفي الانفصام لطيفة وهو أنه انكسار بلا انفصال . ولما لم ينفصل شيء من الممكنات من ذاته تعالى ، ولم يخرج منه ، لأنه إما فعله وإما صفته ، فلا انفصال قطعاً ، بل إذا اعتبره العقل بانفراده كان منفصماً ، أي : منقطع الوجود متعلقاً وجوده بوجوده تعالى { والله سَمِيع } يسمع قول كل ذوي دين { عليمٌ } بنياتهم وإيمانهم . { الله وليّ الذين آمنوا } متولي أمورهم ومحبتهم { يُخْرجهم } من ظلمات صفات النفس وشبه الخيال والوهم ، إلى نور اليقين والهدى وفضاء عالم الروح { والذين كَفرُوا أولياؤهم } ما يعبدون من دون الله { يخرجونهم } من نور الاستعداد والهداية الفطرية إلى ظلمات صفات النفس والشكوك والشبهات .