Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 120-125)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وإن تصْبِروا } على ما يبتليكم الله به من الشدائد والمحن والمصائب ، وتثبتوا على مقتضى التوحيد والطاعة { وتتقوا } الاستعانة بهم في أموركم والالتجاء إلى ولايتهم { لا يضرّكم كيدهم شيئاً } لأن المتوكل على الله ، الصابر على بلائه ، المستعين به لا بغيره ، ظافر في طلبته ، غالب على خصمه ، محفوظ بحسن كلاءة ربه ، والمستعين بغيره مخذول موكول إلى نفسه ، محروم عن نصرة ربه . كما قال الشاعر : @ من استعان بغير الله في طلب فإن ناصره عجز وخذلان @@ { إن الله بما يعملون } من المكايد { محيط } فيبطلها ويهلكها ، وقد قيل : إذا أردت أن تكبت من يحسدك فازدد فضلاً في نفسك . فالصبر والتقوى من أجمل الفضائل إن لزمتموهما تظفروا على عدوّكم . { بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم } الآية … الصبر على مضض الجهاد وبذل النفس في طاعة الله ، وتحمل المكروه طلباً لرضا الله لا يكون إلا عند التقوى بتأييد الحق وتنوّره بنور اليقين ، وثباته بنزول السكينة والطمأنينة عليه ، والتقوى في مخالفة أمر الحق والميل إلى النفع والغنيمة ، وخوف تلف النفس لا تكون إلا عند انكسار النفس تحت قهر سلطان القلب والروح ، إذ الثبات والوقار صفة الروح والطيش ، والاضطراب صفة النفس ، فإذا استولى سلطان الروح على القلب وأخذ مملكته عصمه من استيلاء صفات النفس وجنودها عليه ، فيعشقه القلب ويسكن إليه لنورانيته المحبوبة لذاتها ويتقوّى به على النفس وقواها فيهزمها ويكسرها ويدفع غلبتها وظلمتها عن نفسه ، ويجعلها ذلولاً مطيعة مطمئنة إليه فيزول عنها الاضطراب وتتنوّر بنوره وعند ذلك تنزل الرحمة ، ويناسب القلب ملكوت السماء في نورانيتها وقهرها لما تحتها ، ومحبتها وشوقها لما فوقها . وبذلك التناسب يصل بها ويستنزل قواها وأوصافها في أفعاله خصوصاً عند اهتياجه وانقلاعه عن الجهة السفلية ، وانقطاعه بقوة اليقين والتوكل إلى الجهة العلوية . ويستمد من قوى قهرها على من يغضب عليه فذلك نزول الملائكة ، وإذا جزع وهلع وتغير وخاف أو مال إلى الدنيا غلبته النفس وقهرته واستولت عليه وحجبته بظلمة صفاتها عن النور ، فلم تبق تلك المناسبة ، فانقطع المدد ولم تنزل الملائكة .