Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 64-65)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله } الآية ، الفرق بين الرسول والنبي هو : أن الرسالة ، باعتبار تبليغ الأحكام : { يَـۤأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغْ } [ المائدة ، الآية : 67 ] والنبوّة باعتبار الإخبار عن المعارف والحقائق التي تتعلق بتفاصيل الصفات والأفعال . فإنّ النبوّة ظاهر الولاية التي هي الاستغراق في عين الجمع والفناء في الذات ، فعلمها علم توحيد الذات ومحو الأفعال والصفات . فكل رسول نبيّ ، وكل نبيّ وليّ ، وليس كل وليّ نبياً ، ولا كلّ نبي مرسلاً ، وإن كانت رتبة الولاية أشرف من النبوّة ، والنبوّة من الرسالة كما قيل : @ مقام النبوّة في برزخ دوين الوليّ وفوق الرسول @@ فلا يرسل الرسول إلا للطاعة ، إذ حكمه حكم الله باعتبار التبليغ فيجب أن يُطاع ، ولا يُطاع إلا بإذنه ، فإن من حجب عنه بقصور الاستعداد كالكافر الأصليّ والشقيّ الحقيقي ، أو بالرين ومحو الاستعداد كالمنافق ليس بمأذون له في الطاعة في الحقيقة . { ولو أنهم إذ ظَلَموا أنفسهم } بمنعها عن حقوقها التي هي كمالاتها الثابتة فيها بالقوة ، وتكدير الاستعداد بالتوجه إلى طلب اللذّات الحسيّة والأغراض الفانية { جَاؤوك } بالإرادة التي هي مقتضى استعدادهم { فاسْتغفروا الله } طلبوا من الله ستر صفات نفوسهم التي هي مصادر تلك الأفعال الحاجبة لما في استعدادهم بنور صفاته { واستغفرَ لهم الرسول } بإمدادهم بنور صفاته التي هي صفات الله عز وجل لرابطة الجنسية التي بينهم وبين نفسه ، ومكان الإرادة والمحبة التي تستلزم قربهم منه وامتزاجهم به { لوجدوا الله توّاباً } مطهراً ، مصفياً لاستعدادهم بنوره ، إذ قبول التوبة هو إلقاء نور الصفات عليهم ، وتنوير بواطنهم بهيئة نورية تعصمهم من الخطأ في الأفعال لبعد النور عن الظلمة { رحيماً } يفيض عليهم رحمة الكمال اللائق بهم من الإيقان العلميّ أو العينيّ أو الحقيّ . { فلا وربك لا يؤمنون } الإيمان الحقيقي التوحيدي { حتى يحكموك } لكون حكمك حكم الله ، وإنما حجبت الذات بالصفات ، والصفات بالأفعال ، فإذا تشاجروا وقفوا مع صفاتهم محجوبين عن صفات الحق أو مع أفعالهم محجوبين عن أفعال الحق ، فلم يؤمنوا حقيقة . فإذا حكموك انسلخوا عن أفعالهم ، وإذا لم يجدوا في أنفسهم حرجاً من قضائك انسلخوا عن إرادتهم فصاروا إلى مقام الرضا ، وعن علمهم وقدرتهم فصاروا إلى مقام التسليم فلم يبق لهم حجاب من صفاتهم واتصفوا بصفات الحق فانكشف لهم في صورة الصفات فعلموا أنك هو قائم به ، لا بنفسك ، عادل بالحقيقة بعدله ، فتحقق إيمانهم بالله .